"دارا الزرادشتي": رواية تتجاوز التاريخ نحو تأملات في الإيمان والإنسانية
رواية *"دارا الزرادشتي"* للكاتب البحريني عقيل الموسوي، الصادرة عام 2021، تمثل إضافة مميزة إلى الأدب البحريني والعربي، إذ لا تكتفي بسرد وقائع تاريخية، بل تنسج رحلة فكرية وروحية عميقة في قلب القرن الثالث عشر الميلادي. من خلال شخصية دارا، الشاب الزرادشتي القادم من مدينة يزد الفارسية، يخوض القارئ تجربة وجودية تتقاطع فيها الأسئلة الكبرى حول الإيمان، الهوية، والحقيقة.
تتناول الرواية تداعيات الغزو المغولي واضمحلال الحضور الزرادشتي، لكنها تتجاوز هذه الخلفية التاريخية لتغوص في أعماق النفس البشرية، حيث يسعى دارا لفهم جوهر معتقده، ويتأمل في المعاني الكونية للنور والظلمة، والخير والشر، في محاولة للعثور على السلام الداخلي وسط عالم مضطرب.
ما يميز الرواية هو بعدها الفلسفي العابر للحدود الدينية، إذ تتجلى فيها ملامح التصوف والتفكر الروحي، لتؤكد أن البحث عن الحقيقة ليس حكرًا على دين دون آخر، بل هو مسار إنساني مشترك. من خلال هذا الطرح، تدعو الرواية إلى تجاوز التعصب والانفتاح على الروحانية الكامنة في عمق كل معتقد.
بأسلوب سردي متنوع يتنقل بين الأصوات وطبقات الوعي، تقدم الرواية تجربة أدبية ثرية، لا تكتفي بإعادة إحياء التاريخ، بل تفتح أبوابًا للتأمل في معاني الوجود والإيمان، مما يجعلها قراءة ممتعة ومغذية للعقل والروح معًا.