أنا قادم أيها الضوء > مراجعات كتاب أنا قادم أيها الضوء

مراجعات كتاب أنا قادم أيها الضوء

ماذا كان رأي القرّاء بكتاب أنا قادم أيها الضوء؟ اقرأ مراجعات الكتاب أو أضف مراجعتك الخاصة.

أنا قادم أيها الضوء - محمد أبو الغيط
تحميل الكتاب

أنا قادم أيها الضوء

تأليف (تأليف) 4.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم



مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    5

    ربنا يرحمه و يغفر له و يلهم أهله الصبر والسلوان

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناتك

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    الله يرحمه ويحسن اليه كتاب جدا مؤثر

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    1 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    (انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ) صدق الله العظيم..

    كنت تأمل أن تجد في نهاية طريقك النور يامحمد.. وأنت النور.. انظرني يوم القيامة لأقتبس من نورك واسأل الله الا يجعل بيننا سور.. ونكون في باطن الرحمة سوياً.. نتحسبك عند الله شهيداً في أعلى درجات جنة الله العليا.. مما عانيت من المرض..

    ❞ من معجزاتنا البشرية قدرتنا على نسيان الموت، وإلا لتوقفت الحياة تماما، وانقسم كل البشر إلى منتحرين، أو شهوانيين عابثين، أو نُساك زاهدين.

    وإذا كان يمكن أن ننسى الموت، فهل يمكن أن ننسى أي شيء آخر بما في ذلك المرض؟ ❝

    قرأت عن السرطان كثيرا، أصيب به أقرب الأقربين إليّ.. رحل به عدد كبير من عيلتي.. وأقربهم إليّ عمي.. توفى بسرطان القولون وشهدت مرضه كأنه يعاد أما معيني مرة اخرى في كتاباتك يا محمد، .. لكنك انت؟ شهدت ما لم أشهده في مرضى السرطان من قبل.. معاناة لا توصف.. معاناة لا يمكن أن يتحملها أحد.. النسبة النادرة من كل شيء أصيبت بها أنت، اختارك انت السرطان دون غيرك بأبشع صورة ممكنة له. ورغم ذلك روحك كانت طاهرة لأقصى درجة حتى أخر كتاباتك.

    ❞ لعل هذا من أقسى ما يفعله ذلك المسخ السرطاني: تغييره لكل ما نعرفه عن أنفسنا والآخرين. تلك القدرة بعقل إسراء قد تطورت بشكل عكسي، فأصبح صوتي المألوف هو علامة الخطر المحتمل لا العكس! ❝

    محمد أبو الغيط، رحمه الله، طبيب صحفي شاب صاعد وواعد في مجال الصحافة.. كاتب يحمل من القلم ما تطيب به النفوس ويحمل من الفكر والفلسفة ما يشتهي العقول.. ويحمل من الخبايا والاسرار ما لا يعلمه الكثير، ويحمل من العلم ما ينقصنا نحن.. إنه محمد أبو الغيط كان الأصغر في كل شيء.. الصحفي الأصغر والأنجح في جيله.. من أصغر شباب الثورة.. وسط نخبة أبو الغيط وبلال فضل ورجب وغيرهم، كان أيضا أبو الغيط هو الأصغر والأنقى.. وأكتمل الأمر، ليكون من أصغر المصابين بالسرطان الخبيث العنيف ال adenocarcinoma.

    ❞ فقط أعرف أن الواقع الحالي كتوصيف بحت هو أني ببذلتي الحمراء أنظر إلى سفينتي تغرق. تهبط ببطء لكن باستمرار، ولا شيء يسد الثقوب المتزايدة.

    أحيانا أستسلم تماما للغرق، وأحيانًا، فجأة، أجد يدي «تعزف».. ❝

    إذا جاء هذا النوع من السرطان.. فلا أمل في الحياة رغم تشبثك بها.. كان يريد ابو الغيط الحياة لكن السرطان الغادر لم يمهله ذلك.. كان يريد يحيى، ويحيى يريده ابا له حتى النهاية لكن اراد الغادر اليتم ليحيى.. فقدت بالسرطان والدتها في العام السابق لتشخيص ابو الغيط بالسرطان ايضا، لم يكن يريد محمد أن يترك الكرسي الثالث فارغا على سفرتها.. لكن لم يمهلم القدر ذلك او ذاك.

    ❞ بين ليلة وضحاها تغيرت تجاربي كلها. كل يوم أغرق في تجارب أنواع الطعام والشراب، والمسكنات، والمكملات العذائية، ثم دخولي هذه «التجربة» الدوائية الأخيرة التي تساوي نتيجتها حياتي حرفيًّا.

    لم يعد بإمكاني التخطيط لشهر قادم، بل ليوم قادم.

    وكذا غدر نوائب الدهر، وعجز الإنسان، فلا أمان لتصاريف الأقدار، ولا اطمئنان لتقلبات الأحوال، فتأمل.. ❝

    وانا؟ منذ معرفتي الأولى بإصابتك بالسرطان.. كنت أعلم يقين النهاية، ربما انا بائس واذيع اليأس للجميع وأرجح الفشل عن سواه.. لكن لم أشهد لأحد حولي في الواقع او بين الصفحات تعافى من السرطان خصوصا لو كان ذاك النوع الخبيث للمعدة او القولون.

    ❞ سواء شفيت قريبا أو بعيدا، سواء عاد المرض أو لم يعد، هي ليست حربا بانتصار أو هزيمة نهائية لأن الصحة والمرض، السعادة والحزن، النسيان والتذكر، الحياة والموت، كلها ثنائيات تتدافع داخلنا دون أن يزول أحدها أبدا. ❝

    قررت ألا اتابع محمد مرة أخرى.. قررت أن انساه، وذلك جاء في وقت امتنعت فيه عن السياسة بشكل عام وكل من يتحدثون عنها ماعدا بلال فضل فهو جزء من ايامي على كل حال.. تركت ابو الغيط ورحلت عسى الا أفجع يوماً في رحيله.. كنت أظن إني أنسى، فأنا مجرد قارئ لكاتب لم أراه يوماً سوى في التلفاز والصحف الإليكترونيه، عسى أن اجد ولو بمعجزة إنه بخير الأن.. ولو بدعاء نبوي، او بأذكار التصوف او بمعجزة جبريل بأي معجزة من السماء..

    كنت أعلم إن حلول الأرض منتهية، وكنت أعرف ومتأكد من ان السماء لا حد لها، لا حاجز لما نبحث عنه فيها، هكذا آملت، هكذا ظننت، هكذا فجعت.. لذلك انا اتألم الأن على رحيله اكثر مما تتوقعت..

    ❞ قال المؤرخ المفصول ميلان هوبل: «لتصفية الشعوب، يُشرع بتخريب ذاكرتها وتدمير كتبها وثقافتها وتاريخها… بعد هذا يبدأ الشعب شيئا فشيئًا في نسيان من هو وكيف كان، فينساه العالم من حوله بشكل أسرع.

    صحيح أن قدرة الإنسان على التعود والنسيان لا يضاهيها شيء، لكن هذا يشترط وجود نمط ثابت يمكن التعود عليه. ❝

    انا لم أحدث محمد ولو مرة واحدة حتى.. لم اراه في الواقع ابدا.. لكن كنت اعرفه، ولا يزال اعرفه، والأن بعد انتهاء هذا الكتاب أصبحت اعرفه أكثر من اي وقت مضى.. أكثر مما فات، محمد صديق مقرب إلي حتى وإن لم أكن صديق له ذات يوم.. كم كنت أتمنى حضور حفلة توقيعك يا رفيق..

    ❞ قد تهبط الكارثة فجأة علينا. وقد نحملها داخلنا منذ الميلاد دون أن نعرف. لا حيلة لنا في ذلك. كما لا حيلة لنا أمام كثير من المآسي؛ الفراق، والضعف، والموت. لا حيلة لنا بمشاعرنا. ❝

    محمد أبو الغيط الشهير بمقالته الأولى في أوائل شهر يونيو من عام الثورة الاول 2011 المنشورة حينها بأسم " الفقراء أولا يا ولاد الكلب "

    ثم تسلسل وتطور محمد أبو الغيط بين الصحافة والمقالات والمنشورات وطموحه الأول لنشر روايتين وكان دائماً ما يرى نفسه محاط بالمعجبين والأقارب وتحابي كتفه صديقة عمره وزوجته إسراء شهاب في حفل توقيعه الأول..

    ❞ تتصارع داخلي صورتان غائمتان، هل أراني جالسًا لأوقِّع الكتاب وبقربي أبي وأمي وإسراء، أم أنا غائب وأرى إسراء هي من تطلق الكتاب، بينما صورتي معلقة في الخلفية وعليها شريط الرثاء الأسود؟ ❝

    والأن.. الأن في هذا الوقت يحضر كتابك في المعرض وحده.. يقرأ الناس الخط دون رؤية الخطاط.. يبحثون عن الكلمة دون حضور للمتكلم.. رحلت وتركت الاثر الأولى.. تركت حلمك.. وتحقق الحلم وحدة رغم وداع الحالم له.. رحلت عن الدنيا ولن تعلم ما يدور بها.. لكن صيحتك تبقى في أثرنا.. إنها صيحة أبو الغيط الاولى والوحيدة للأسف.

    ❞ أكتب لأن الكتابة هي أثري في الحياة، هي أهراماتي الخاصة، فإلى متى ستبقى منتصبة بعدي؟

    أعرف أني مهما عشت فإن حياتي، والعالم كله، كذرة غبار لا تُرى على شاطئ ذلك الكون الفسيح. لكن الكتابة قد تجعل ذرتي ألمع بين باقي الذرات على الأقل.

    ❞ الكتابة هي محاولتي لمغالبة الزمن والموت بأن يبقى اسمي أطول من عدد سنوات حياتي التافهة مقارنة بعمر الكون الشاسع المقدر حاليًّا بـ ١٤ مليار سنة.

    هذه صيحتي: محمد أبو الغيط مرَّ من هنا! ❝

    قال محمد عن إسراء شهاب زوجته:

    ❞ أحبها؛ لأن استقراري النفسي أصبح بالكامل مرتبطًا بها، ولا يمكنني الاطمئنان والهدوء إذا كانت هي تشعر بأدنى ضيق حتى لو لسبب خارج عني.

    أحبها؛ لأني أصبحت أشعر بالفخر حين أحدثها أو ألتقيها. بمجرد أن أمشي جوارها أشعر فورًا دون أي تفسير عقلاني أني ممتلئ فخرًا، وأني مميز فوق البشر.

    أحبها؛ لأن هواي صار يوافق هواها. حين تخبرني أنها تحبّ أو تكره شيئًا أو شخصًا، لا أوافقها مجاملة، بل حقًّا يتحول شعوري العاطفي نحو هذا الشيء أو الشخص لحظيًّا.

    أحبها؛ لأني أصبحت «أحبُّ من الأسماء ما وافق اسمها، أو شابهه، أو كان منه مُدانيًا» كما قال قيس بن الملوح قبل ألف عام. أصبحت أذني بالغة الحساسية لالتقاط اسمها أو أي كلمة حروفها قريبة منه. ❝

    ادعوا لها كثيرا بالصبر والسلوان، ادعوا لها في كل لحظة وفي كل وقت.

    سلامٌ على قبرِ المكارمِ

    محمد أبو الغيط، 34 عاما

    مغتربا توفي ودفن في لندن

    5 ديسمبر/ كانون أول 2022

    إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)

    وكم صبرت يا محمد.. وكم عانيت يا محمد.. ١٧ شهر من العذاب المستمر بعد تشخيصك

    ❞ كلنا تتملكنا تلك الرغبة؛ رغبة الخلود في الحياة، فإن لم نخلد بأجسادنا فلنخلد بآثارنا، ولكلٍّ آثاره. ❝

    ترك ابو الغيط خلقه قلوب قراءه المتيمين به.. ترك خلفه قلب مشقوق ومفتور عليه.. ترك لنا ابو الغيط صغيره، يحيى محمد أبو الغيط.. أيا يحيى هل تدرك كم كان ابوك عظيما ذات يوم؟ يحمل بداخله سمات الإنسانيه أجمع، كلما مرض محمد وازداد آلماً.. زاد بريقاً ونوراً من خلفه.. ترك محمد وراءه نوراً. وعلى يمينه نوراً ومن فوقه ومن تحته نوراً.. وذهب إلى النور.. وتركنا نحن وحدنا في عتمة فراقه..

    ❞ كل خسارة لم نخسر فيها أنفسنا خسارة عابرة» على رأي إبراهيم الكوني. ❝

    يا يحيى عليك أن تعلم رغم انك فقدت والدك وهو في ال ٣٤ من عمره فقط وبمسيرة صحفية لم تصل إلى عامها الثاني عشر..

    إلا إنها مسيرة إنسانيه ستخلد إن شاء لله لها من خلود.. ستبقى ما بقيت السماوات والارض..

    ❞ كان يجب أن أنجب ابني؛ لأفهم وأحترم خطفة قلب الأب على ابنه.

    وكان يجب أن أمر بالهزائم، ومخاوف ومطامع الحياة؛ لأعرف أن الأمل ليس دائمًا «توأم اليأس، أو شعره المرتجل»، وأن العالم مليء بأطياف الألوان بين الأبيض والأسود. ❝

    لو قررت أن اختار صورة وحيدة تمثل ثورة يناير وشبابها.. سأختار تلك الصورة. أعلم أن ما فيها بشر، والبشر بطبعهم متغيرون ومتطورون، نجدد أفكارنا وانماطنا كل يوم.. يوم تلو اليوم.. هكذا كانوا، هكذا حلموا وتأملوا وتدبروا أفكارهم.. وأين هم الأن؟ مات من مات، ورحل من رحل، وبقى طيفهم بصورة شحيحة في خلفية الماضي السحيق المدجن بالغيوم..

    أولئك كانوا نجوم تلك الغيوم، أولئك وحدهم كانوا القليل والقليل من النور العاتم..

    تلك الصورة الموضوعة على بروفايل محمد حتى يوم وفاته.. تحمل في باطنها وجوفها الكثير من الأوجاع، اكثرهم وجعاً فجيعة محمد، ورحيل الآخرين حيث يعلم الله وحده..

    بخصوص تلك الصورة، ترك لنا أيضاً بلال فضل فيديو يحكي فيه عن بعض ما يحكى ويترك بعض ما يمكن أن يُترك من محمد.. وبعد قراءة ذلك الكتاب سيقوم بسرد ما تبقى من حياته

    ❞ قد يختار الإنسان أفعالا نبيلة أو شجاعة، لكن المرض ليس اختيارًا، فلا تعني محاولة الشفاء منه بالضرورة إضفاء مثالية ما على المريض، قد تتحول لعبء في حد ذاته.

    وما ينطبق على مصارعة النفس، ينطبق على مصارعة الجسد. ❝

    في 12 مايو عام 2019، وضع محمد ابو الغيط تلك الصورة كصورة بروفايل له على الفيس بوك، واستشهد بقصيدته المفضلة لشاعره المفضل محمود درويش قائلا:

    "إن كان لابُدَّ من حُلُمٍ،

    فليكُنْ مِثلَنا .. وبسيطاً

    كأنْ: نَتَعَشَّى معاً بعد يَوْمَيْنِ

    نحن الثلاثة،

    مُحْتَفلين بصدق النبوءةِ في حُلْمنا

    وبأنَّ الثلاثةَ لم ينقصوا واحداً"

    ولكن لم يمهلكم المرض سوى ثلاثة أعوام فقط ورحلت عنهم يا محمد تاركهم للفراغ.

    على الرغم من جمع تلك الكلمات، ومعاناتي في تلك المشاعر، ومحاولاتي المتكررة لمدة ايام عن وصف شعوري اثناء قراءة الكتاب.. لا أعلم كيف يمكن أن أرثي محمد ابو الغيط؟

    كيف يكون الرثاء لشاب في مقتبل عمره حزن عليه الجميع؟

    كيف نرثي شاب يمحقه السرطان الغادر بأشد انواع الالم والاوجاع؟ كيف نرثي من ترك خلفه إسراء ويحيى، كيف نرثي من كان يملك تلك العذوبة في كلماته.. لن يوصفك العالم ابدا ولن يرثيك احد حق الرثاء..

    نحن فقدناك وأنتهى الأمر، رحلت ولم ترحل عنا ابداً.

    كَفَى حَزناً أَنَّ النَّوَى صَدَعَتْ بِهِ ... فُؤَاداً مِنَ الْحِدْثَانِ لا يَتَصَدَّعُ

    وَمَا كُنْتُ مِجْزَاعاً وَلَكِنَّ ذَا الأَسَى ... إِذَا لَمْ يُسَاعِدْهُ التَّصَبُّرُ يَجْزَعُ

    فَقَدْنَاهُ فِقْدَانَ الشَّرَابِ عَلَى الظَمَا ... فَفِي كُلِّ قَلْبٍ غُلَّةٌ لَيْسَ تُنْقَعُ

    وَأَيُّ فُؤَادٍ لَمْ يَبِتْ لِمُصَابِهِ ... عَلَى لَوْعَةٍ أَوْ مُقْلَةٍ لَيْسَ تَدْمَعُ

    ( محمود سامي البرودي )

    محمد تطور وتغير وتقدم وتأخر وشارك وصمت، وصاح وكتم صيحته لفترة، محمد كان إنساناً يريد الحياة، ومن لا يريدها؟ محمد تطور رغم كل شيء حتى أتم رسالته في الحياة في عامه الرابع والثلاثين فقط.

    ❞ وهي أكثر الخيبات مرارة على الإطلاق، حين تكتشف خطأ أفكار أو آراء لا أشخاص كم اعتنقت أفكارًا وأجوبة بيقين تام، تكونت داخلي عبر سنوات من البحث والتجارب، واتخذت بناء عليها قرارات عملية تؤثر في حياتي كلها، ثم أكتشف بعد لحظة

    ثم أكتشف بعد لحظة تنوير درامية، أو بعد تراكم عكسي تدريجي، أني كنت أحمق أحمق. كنت أخادع نفسي، وكان عقلي متأثرًا بانحيازات عاطفية و«خرائط ذهنية» مسبقة. ❝

    ❞ اسعدوا بكل يوم طبيعي.

    بالطبع اطمحوا واسعوا بأقصى الجهد للأفضل، لأنفسكم، وأسركم، وبلادكم، لكن إن لم يحدث فلا بأس. كل يوم من المعافاة هو إنجاز عظيم.

    حقًّا وصدقًا «من أصبح آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها». ❝

    هذه كانت رسالة محمد ابو الغيط الأخيرة لكم، هذه رسالة من رحم المعاناة، من رحمة السرطان الذي لا يرحم، من روح محمد الباقية في جسده الذي كان وصل إلى الفناء والهلاك بالكامل، عندما كتب محمد تلك الرسائل الأخيرة في كتاباته الأخيرة في شهر نوفمبر بين 15 إلى 17، كان رحل جسده عنها، والروح فقط تنتظر ايام معدوده لتمهل أحبابه فرصة أخيرة للوداع.

    فرصة أخيرة للاستعداد للرحيل، من شهر اكتوبر تقريبا، وكان هلك محمد بالكامل ولكن على الرغم من ذلك لم تفنى روحه ابداً، وكتب أفضل جزئين في كتابه تقريبا، عن أبيه وامه، والأخر عن إسراء ويحيى، ثم رحل وقد أتم رسالته وكتابه الأول لنا، رحل وتركنا نبكي خلفه كلما نقرأ عنه أو إليه.

    ❞ كلما اتسع عالمي أدركت مدى ضيقه السابق. ❝

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5

    أنا قادم أيها الضوء || محمد أبو الغيط

    محمد أبو الغيط هل هو الذي عمل طبيبًا أم الذي عمل في الصحافة المحلية أم في الصحافة الدولية، هو الذي عاش في القاهرة أم الذي عاش في الصعيد أم الذي عاش في دول الغرب، هو الذي كان جيبه لا يحوي فتات أم الذي حسابه البنكي أحتوى على عشرات الآلاف من الدولارات، سمع بأفكاره أهالي صعيد مصر أم تسلم جائزة من أمين عام الأمم المتحدة، أم مريض سرطان المعدة الذي مات على إثره

    عزيزي القارئ عزيزتي القارئة

    لا أخفي عنكم سرًا، نحن أمام ملحمة إنسانية تبكي لها الأعين

    لقد بكيت كثيرًا رغم أنه ليس عادتي حتي مع قراءتي لأفجع المآسي ،بكيت لأنه يشبهنا من جيلنا عاش وحلم معنا وأحلامه تكاد تكون أحلام أي منا، لم أبكي من اليأس بل بكيت من الأمل

    ❞ ليس سليمًا وصف كل مريض سرطان بأنه «مقاتل»، لكني أنا شخصيًّا لا أشعر بالأمر داخليًّا إلا كذلك، أنا مقاتل في معركة شرسة، أستخدم فيها كل أسلحتي البشرية، بما فيها قوة الخيال العاتية تلك، آملًا أن تتحول إلى حقيقة، فأراني الآن اقرأ ذلك الكتاب مع ابني بعد نحو عشرين عامًا نتناقش في تفصيله هنا أو موقف هنا ونضحك!❞

    ومن كثرة أمله و تفائله أقسم أنني بحثت علي محرك بحث(( جوجل)) إذا كان قد توفى فعًلا أم أنه عاش في النهاية رغم أنني كنت في كامل تأكدي من حقيقة موته قبل قراءة تلك المذكرات.

    الصمت في حرم الجمال جمال والصمت أيضًا في حرم الآلام إنسانية بل واحترام

    من الصعب عليّ كإنسانة أن ألخص معاناة شاب وسطوره الحقيقية التي كتبها بألمه قبل حبره و تركها لكي يؤكد لنفسه قبل قرائه أنه قد مر في دنيانا

    في سطور أبو الغيط لن تبكي في ظل وصفه لآلامه بل سينتهي بك التفكير في ماهية المحاولة وما معنى الحياة بالنسبة لذاك الشاب بل بالنسبة لك أنت يا عزيزي القارئ

    ليأتي ويجاوب عليك في منتصف حيرتك

    أنه يعلم أن أهله جميعًا سيحزنون عليه حزنًا طال أو قصر ولكن تلك الكتلة من اللحم التي تشبهه ولا تشبهه "يحيى" هو الذي لن يتجاوز ذاك الفقد أبد الدهر، يتحمل من أجل ذاك الطفل الذي يلهو ويلعب وبالمصري "ولا على باله"

    لن تجده يتحدث عن جوائزه ونجاحاته وآماله التي طمسها المرض، بل ستجده يتحدث عن حبات الفول السوداني التي أعطاها له جده ذات نهار والتى لم يجد أحلى وألذ منها في حياته، يتحدث عن زرعه لبعض النباتات في حديقة المنزل ولهفته عليهم بعدما يباغته المرض ويظل في المشفى لأيام بل أحيانًا لأسابيع، بل ولن تكفيه صفحات ليتحدث عن زوجته "إسراء" ويحكي خطواتها العملية وجهودها أيضًا في المنزل ومعه بطيب خاطر لدرجة أنني شاركته ذلك الحب بل وعمقه.

    أي أحدًا مثله ستجده منشغلًا بألمه الذي يكفيه لكتابة عدة كتب وليس كتاب واحد ولكنه لن يبخل بالتحدث عن آلام الآخرين وكرهه لتجريد إنسانية الآخر حتى وإن كان عدو.

    وختامًا

    أوجه كلماتي التي آمل أن يصل صداها إلى قبرك يا محمد

    فأنت لم تصل وحدك إلى الضوء ولكنك بشكل أو بآخر جعلتنا نقتبس منه فهنيئًا لك

    اقتباسات

    ❞ لكن بعض ردود الأفعال كانت تدمر خطوط دفاع جيشي النفسي.

    ‫ بعض الأحباء انهاروا في البكاء فبكيت معهم. هناك من تحدث بصيغة الماضي، «إنت كنت كذا»؛ فشعرت أنه ينعاني وأني مت بالفعل. ❝

    ❞ دائما هناك تحدي عدم اختزال الشخص في معاناته. ألا يكون تعريف اللاجئ أنه لاجئ فقط، أو الناجية من التحرش أنها الناجية فقط.

    ‫ لا أريد أن يكون تعريفي وهويتي هما «مريض سرطان»، بينما ينمحي كل شيء آخر. ❝

    ❞ مُنحت كثيرًا وفزت كثيرا، وأيضًا خسرت كثيرا، وسقطت على رأسي مصائب كثيرة آخرها تلك المصيبة الكبرى، لكن في الصورة الكبيرة أجدني رابحًا لا خاسرًا ❝

    ❞ جلسنا إسراء وأنا لنناقش مزايا وعيوب أن أدفن في إنجلترا أم مصر كأنه شأن عادي جدًّا. قالت فجأة: إنت واخد بالك إيه اللي إحنا بنقوله ده! ❝

    ❞ رغم أن عادتي أن أتجاوز اللبن المسكوب دون النظر خلفي، لكن هذه المرة غرقت في البكاء عليه والبحث عنه.. ❝

    ❞ أكره الأمل الكاذب، هو أقسى من اليأس. أشعر بغيظ شديد ممن ينشرون الآمال الكاذبة حتى لو بحسن نية، أما من يفعلونها عمدا فهم عندي كالمجرمين. ❝

    ‏❞ «والموت يسخر من ضحاياه ومن أبطاله، يلقي عليهم نظرةً ويمرُّ». ❝

    ❞ فصل سابق تناولت تشبيه طبيب الأورام الأمريكي سيدهارتا موكرجي تجربة مرض السرطان بتجربة السجن، من حيث تشابههما في البشاعة والقسوة في كليْهما يفقد الإنسان سيطرته على أعمق ما يملك: جسده، وفي كليْهما تلتهم تفاصيل المرض أو السجن كل مسارات وآمال ❝

    ❞ أما أنتم يا من وصلتم في القراءة إلى هنا، فأحسب أن المعنى واضح: ‫ اسعدوا بكل يوم طبيعي ‫ بالطبع اطمحوا واسعوا بأقصى الجهد للأفضل، لأنفسكم، وأسركم، وبلادكم، لكن إن لم يحدث فلا بأس كل يوم من المعافاة هو إنجاز ❝

    ❞ فقط أعرف أن الواقع الحالي كتوصيف بحت هو أني ببذلتي الحمراء أنظر إلى سفينتي تغرق. تهبط ببطء لكن باستمرار، ولا شيء يسد الثقوب المتزايدة.

    ‫ أحيانا أستسلم تماما للغرق، وأحيانًا، فجأة، أجد يدي «تعزف».. ❝

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق