اقتباسات من رواية الهورلا : ستة نصوص فانتستيكية

منذ أن بدأ الإنسان في التّفكير، منذ أن تعلّم التعبير عن فكره قولاً وكتابةً، وهو يحسّ نفسه في تماسٍ مع لغزٍ مستعص على حواسّه الفظّة والمجبولة على النّقص، ويحاول أن يعوّض بملكاته الفكريّة نقصَ أعضائه

اليوم عيد الجمهورية. تجولت في الشّوارع. أبهجتني المفرقعات والأعلام كما قد تُبهج طفلاً. مع أنّه من الغباء أن يفرح المرء في تاريخ محدّد بقرار حكوميّ. إنّ الشّعب قطيع غبيّ، تارةً يصبر ببلادة وطوراً يثور رغماً عن إرادته. يُقال له: «امرح»، فيمرح.

وانتهى المطاف بذلك الذهن المتيقّظ القويّ إلى أن عالجني. لا ريب في أنّ العزلة خطيرة علينا نحن الذين نُعمِل أذهانَنا. يلزم أن نكون محاطين بأناس يفكّرون ويتحدّثون. حين ننعزل لفترات طويلة، نؤثّث الفراغَ بالأشباح

إنّ كلّ ما ننظر إليه دون أن نراه، وكلّ ما نحتكّ به دون أن ندركه، وكلّ ما نلمسه دون أن نمسّه، وكلّ ما نصادفه دون أن نميّزه، يفعلُ فعله في أعضائنا، وعبرها يؤثّر في أفكارنا، وفي قلبنا نفسه، يؤثّر في كلّ ذلك تأثيراً سريعاً ومذهلاً ومتعذّرَ التفسير.