مئتي عام حيث توقفت ماري شيلي مع المخلوق الذي تقطعت به السبل،البائس الهائم في أقصى الشمال المتجمد.إنه ليس الأمي الشرير الذي نشاهده في الأفلام،ولكنه الوحش الرشيق والمثقف الذي يقرأ لشيكسبير و غوته.هنا يروي قصته بنفسه ويغتنم الفرصة لحياة أفضل،ويجدد سعيه وراء الرفقة،ويقلب الوحشية بداخله إلى كياسة.
قام بترجمة العمل الأستاذ مهران الغايب ونقل ما به من صور جمالية وتعبيرات بلاغية من لغتها الأصلية إلى العربية وكلنا يعلم أن هذا أمر يحتاج إلى حس أدبي وقدرة على استيعاب المفردات الأدبية والمفاهيم الدقيقة في اللغة،وأظن أن المترجم هنا قد وفق في ذلك إلا من بعض الأخطاء الطفيفةكاسم الشخصية البطلة (فرانكنشتاين)والتي كتبت طوال النص بدون النون الثانية(فرانكشتاين)وهذا ليس بالخطأ المطبعي لأنه جاء على الغلاف كما جاء بشكل متكرر كلما ذكر اسم البطل .
جميل أن يكمل الكتّاب الجدد حيث توقف الكبار،فماري شيلي تركت المسخ هائما في البحار بعد وفاة صانعه إلا أن كاتبنا(كينيدي) استرجع الشخصية مرة أخرى وأعاد لها الثقة بحياة مليئة بالعاطفة والاستقرار.
أستطيع القول أن هذا العمل فيه دعوة لقبول الآخر المختلف وتقديره على النحو الذي يليق به مهما كانت الاختلافات الشكلية والفكرية.
العاطفة كانت حاضرة في العمل,وأظنّ أن الكاتب نجح في أن ينشئ في المتلقي تعاطفًا مع المسخ،ذلك المصنوع من بقايا جثث الموتى وتخلي صانعه عنه وكرهه له بشتى الأشكال،لينال بعد ذلك اهتمام مارغريت التي تقبلته كما هو بكل عيوبه لأنه يكمل نقصها البدني والنفسي ويضمن لها الحماية والأمان.
الكاتب اكتفى بالحوارات البسيطة المباشرة وبالرسائل كبديل للحوار الخارجي,معتمدا على حقيقة أن تقنية الرسائل لها ذراعين تجعلها ثنائية الإخبار (حوار –ومتن للحدث).
عمل جميل يستحق القراءة.
#ناديا_كعوش





