انطبع على شفتي طعم مر، طعم تفاهة الحياة البشرية. ما جدوى العيش إذا كانت الريح ستذري خلف أقدامنا آخر أثر لمرورنا؟
مانديل بائع الكتب القديمة
نبذة عن الرواية
في مقهى فيينا العتيق، حيث تصدح الأرواح القديمة أكثر من الأحاديث، يجلس رجل لا يشبه أحدًا. لا يطلب شيئًا، لا يتحدث، فقط يلتف حوله صمت ثقيل تفوح منه رائحة الكتب العتيقة… إنه مانديل، بائع الكتب الذي كان ذات زمن ذاكرةً حيةً لفيينا الثقافية. يعرف عناوين الكتب كما يعرف الملامح، يحفظ أسماء المؤلفين كما يحفظ الأصدقاء، وكأن الحبر يسري في عروقه بدل الدم. لكن فيينا تغيّرت. الحرب مزّقت الذاكرة، والخراب ابتلع المعالم. حين يعود أحد زبائنه القدامى بعد سنوات من الغياب، يكتشف أن مانديل لم يعد ذلك الرجل المهيب المحاط بالكتب، بل ظلًّا لإنسان، مسحوقًا تحت عجلات البيروقراطية، مشردًا طوّح به ظلم لا تفسير له. من تاجر كتب إلى ضحية صامتة لتاريخ لا يرحم، تحكي الرواية عن هشاشة الإنسان أمام قسوة النظام، عن عبثية الاتهام، وعن كيف يمكن للحب — حتى لو كان حبًا للكتب — أن يتحول إلى تهمة. “مانديل بائع الكتب القديمة” ليست مجرد قصة عن رجل وكتب، بل مرثية ناعمة لزمن كان يؤمن بأن الثقافة تحمي، وأن المعرفة ملاذ. رواية قصيرة، لكنها تُوجع كصرخة في مكتبة فارغة.عن الطبعة
- نشر سنة 2025
- 80 صفحة
- [ردمك 13] 978-9921-772-87-6
- جليس للنشر والتوزيع
اقتباسات من رواية مانديل بائع الكتب القديمة
مشاركة من Doaa Mohamed
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Doaa Mohamed
قصة مانديل بائع الكتب القديمة.. قصة قصيرة مؤثرة.
رجل غريب لا تعرف أهو ساذج أم مجنون ،لكنه ما كان يريد سوى أن ينطري في زاويته ويقرأ الكتب و الفهارس والعناوين. حتى أنه عزل نفسه عن العالم من حوله ولم يأبه له ولما يجري فيه ،إلي أن اصطدم به العالم وأحداثه.
▪️❞ خارج الكتب، كان هذا الرجل الغريب يجهل العالم. ذلك أن تجليات الحياة لا تغدو ملموسة لديه إلا حينما تتحوّل إلى حروف مطبوعة في صفحات كتاب. ولكن تلك الكتب في حد ذاتها لم يكن يعنيه من قراءتها لا معناها ولا فحواها، فكريا كان أم طريفًا. كل ما كان يحظى باهتمامه هو العناوين واسم المؤلف واسم الناشر والثمن. كانت الذاكرة التي تركزت عند مانديل على الكتب القديمة ذاكرة سلبية، غير منتجة بالمرة، فما هي إلا فهرس يحتوي على آلاف المداخل، من عناوين وأسماء، مطبوعة على كورتيكس(قشرة الدماغ) حيوان ثديي بدل أن تكون مطبوعة، كما جرت العادة، على صفحات كتالوغ. بل يمكن القول إنه لا يعيش. عيناه فحسب كانتا تعيشان خلف زجاجهما البيضوي ولا تنفكان تغذيان بالكلمات والعناوين والأسماء مادته الغنية الغامضة والخصبة. ومن ثمة كانت تلك الكتلة الرخوة الولود تلتهم بشراهة الغذاء الوفير المقدّم لها، كما يمتص السهل ملايين القطرات من المطر. لم يكن يهتم للبشر، ومن بين جميع الطباع البشرية، الطبع الوحيد الذي كان له منه نصيب والحق أنه الأكثر إنسانية هو الخيلاء. ❝
▪️❞ ولكنه لم يعد هو نفسه.
كلاً، لم يعد حقا هو نفسه. كفّ عن أن يكون أعجوبة العالم، السجل العظيم لكل الكتب كل من رأوه في تلك الفترة قالوا لي ذلك بكثير من الحنين إلى الماضي. شيء ما يبدو أنه انكسر في نظرته إلى الأبد، نظرته التي كانت فيما مضى هادئة وواثقة؛ شيء ما قد تحطم.
لم يكن مانديل كما كان مانديل، ولا كان العالم كما كان. لم يعد يتمايل عند القراءة بتركيز عميق. كان يظل جالساً بلا حراك، ونظارته مصوبة بشكل آلي إلى كتابه ❝
- قصة (المجموعة الخفية) كانت ملحقة بقصة (مانديل بائع الكتب القديمة) وتكاد تُماثلها جمالًا. قيمتها منفردة بـ⭐⭐⭐ نجوم.
-عن جامع تُحف أعمى، في زمن الحرب لا يملك سوى مجموعته المُذهلة كما يتذكرها تبقيه على قيد الحياة.
❞ سمعت نافذة تفتح بعنف وشخصاً ما يهتف باسمي. لم يستطع الرجل العجوز أن يمنع نفسه من النظر في اتجاهي بعينيه الكفيفتين. كان يميل بجسمه كثيراً خارج النافذة. وكان يلوح بمنديل ويهتف لي: «رحلة سعيدة!» بصوت صاف منتعش كصوت فتى صغير. لن أنسى ذلك المشهد أبداً: كان وجه ذلك الرجل العجوز البشوش ذو الشعر الرمادي ظاهرًا هناك، من أعلى نافذة، يحوم عالياً فوق المارة المتعبين والقلقين والمتذمرين. محصناً تحصيناً جيدًا من عالمنا الواقعي ودناءاته بغيمة بخارية من وهمه النافع. عندئذ تذكرت ذلك القول القديم الصادق، قول غوته على ما أظن: «هواة المجموعات هم أسعد الناس». ❝


















