اقتباسات من كتاب بسام حجار؛ الأعمال الشعرية الكاملة - الجزء الثاني

"لم أنْجُ من شجنِ الفقدانِ،

ولم أنْجُ من رعشةِ السُّعال.

من الألمِ المُقيمِ في روحي وفي رئتيَّ.

أماتني الألم، ويُحييني كلَّ يوم.

‫سرابًا رأيتُ

ومُرًّا كان كلُّ طعم."

وقال: ماتَ الكناريُّ وَقَدْ أطْعَمْتُهُ ما يُطْعَمُ، وحادَثْتُهُ طويلاً وحَنَوْتُ عليه غَيْرَ أنَّ الكنارِيَّ ماتَ لأنَّهُ وحيدٌ ولأنَّهُ أرادَ أنْ يموت ‫ لَيْسَ قَدَراً أنْ تُغادِرَ ها هنا بَلْ أن تُريد ‫ قُلْ: رأيتُ ما يَكْفي وسَمِعْتُ ما يَكْفي وعِشْتُ مايكفي.. وماعدت أريد.

يَظُنُّ مَنْ يَراني أنَّ الضَّجَرَ وَقَعْدَتي في البيْتِ قد أنْهكا بُرودَ أعْصابي، ثُمّ لا يَلْبَثُ واحِدُهُم أنْ يَنْصِرفَ إلى شأنِهِ لأنَّني بَلَغْتُ من الحياةِ ما ينْبَغي أن يُقْنِعَني أنَّ الضَّجَرَ تَرَفٌ، لا بَلْ خَرَفٌ في مِثْلِ هذه السِّن.

وحدي

‫ معهم أو من دونهم

‫ وحدي.

لأنّك هنا، في المسرحِ الذي تبتكره الآن، وأنت خيال الظلّ الوحيد.

قرأت ذات يوم، فيما قرأت وحين قرأت، إنَّ واحدنا لا يقطع المسافة من ألفٍ إلى باءٍ، وإن كانت‏

‫ أقلّ من فتر مدى الحياة، وإن سِرْتَها.

‫ وصدَّقتُ.

لا أحد هنا قد يلمح ارتعاش يديك. خفقان قلبك. جسمك الهارب منك. لا أحد على الإطلاق.

لَمْ تَلْتَفِتْ.

‫ كأنَّها تَعْرِفُ الدَّرْبَ جَيّداً

‫ لكنَّها نَدمَتْ على بِضْعَة أشْياءٍ

‫ لا أعْرِفُها.

أسِفٌ لأخْطاءِ هذه الحَياة،

‫ لكنّي

‫ ما مَلكْتُ

‫ سِواها.

وَتُدْرِكُ أنَّ الدُّروبَ أصْبَحَتْ لك. فَقَط الدُّروبُ. البيوتُ تَمُرُّ بها. أو تَقِفُ عند أعتابِها ونوافِذِها. غَيْرَ أنَّها لَيْسَتِ البيوت.

وقُلْتَ لي: «اسمعني جيّداً»…

‫ «ثُمَّ إنَّهم ما عادوا في حاجة إلينا،

‫ أُولاءِ الّذين بَكَّروا إلى الرحيل».

‫ (راينر ماريا ريلكه)

ما كانَ شيءٌ أحْبَبْتُهُ إلّا وأبْكاني.

سألتُ ولم يَدُلَّني أحدٌ.

‫ فربَّما كانت الطريقُ قلبك. وربَّما كان قلبك هو الطريق.

لا أحد هنا قد يلمح ارتعاش يديك. خفقان قلبك. جسمك الهارب منك. لا أحد على الإطلاق.

ضَجَرٌ واشْتهاءٌ عاجزٌ

‫ وَقَسْوَةُ أنْ أريدَ ما أُحبُّ

‫ وأن أفقد ما أحبُّ

‫ وأنْ أجْعَلَ البَقاء

‫ تَمارينَ عادَةٍ.

وقلبي قِربةٌ من البكاء،

‫ وجسْمي فَزّاعةُ طَيْرٍ

‫ نُصبَتْ في بَرِّيَّةٍ موحشةٍ

‫ حَيْثُ لا تَنْضَجُ ثمار.

لا أجدُني

‫ بَيْنَهم

‫ الَّذين أحْبَبْتُهُم.

وأرى الآنَ غيابَكَ كأوضَح

‫ ما تراهُ العينُ

‫ ولكنْ ماذا أصْنَعُ

‫ بِكُلّ الأشْياء الَّتي غَادَرْتَها

‫ ماذا أصْنَعُ بعينيَّ؟

لَسْتَ هُنا الآنَ

‫ وأرى غيابَكَ كأوْضَح ما تَراهُ

‫ العَيْنُ.

وَقُلْتُ لها حين أقْبَلَتْ عَلَيَّ

‫ دَعيني أضَعُ رأسي المُتْعَبَ على صَدْرِكِ

‫ وَلَمْ أقُلْ لها إنّني أُريد أنْ أبكي

‫ ولكنّي بكَيتُ.