ابق حيًّا

لا أعلم من أين أبدأ مراجعتي فعلى قدر ما اسرتني الرواية جعلتني اتغاضى عن بعض هفواتها، فمن النادر أن تجد كاتبا ينبش في التاريخ ليخرج لنا عملا ابداعيا كهذا ،صاغ لنا الكاتب التاريخ الفاطمي أو بالأحرى فترة من فتراته الا وهي الشدة المستنصرية ( التي ضربت مصر في عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله )في قالب روائي أحداثه مفجعة فالكاتب عالج قضية التغير السيكولوجي لأفراد في ظل أزمة أصابتهم الا وهي أزمة المجاعة فجعلتهم يتجردون من قيم الإنسانية فيأكلون لحوم البشر من أجل البقاء على قيد الحياة والسبب في ذلك راجع للظروف المعيشية السيئة انذاك( ركود سياسي،طغيان المذهب الشيعي الخ) بالمقابل لم يتخلى البعض الآخر من أولئك الأفراد عن مبادئهم السامية كبطل القصة حسن الذي امتنع عن أكل لحوم البشر وهذا راجع لعاملين أساسيين هما:الاخلاق العالية التي كان يتحلى بها و التدين الصحيح الذي كان عليه فايمان حسن هو الذي أبقاه حيا فالبرغم من المحنة التي أصابته الا أنه لم يفقد الإصرار على التمسك بالحياة

وهذا هو محور الرواية كما جاء في عنوانها ابق حيا

رغم الغدر و الخيانة التي تعرض لها البطل الا أن أمله كان كبيرا، واحي الكاتب على الأمل الذي منحنا إياه كما احيه على ذلك الوصف الدقيق لازقة القاهرة الفاطمية فلقد برع بجدارة في نقل صورا حية عن الدولة الفاطمية آنذاك سواء من حيث العادات و التقاليد أو المعتقدات، ولقد أشار إلى المراجع التي استقى منها معلوماته في نهاية الكتاب ، غير انني لا أراها كافية فقد كان بإمكانه أن يراجع التاريخ السياسي لهذه الدولة بقدر أكبر حتى لا يقع في خطا كالذي وقع فيه حين قال " دخل عبيد الله الشيعي إلى مدينة القيروان وأخذ ينشر مذهبه الشيعي سرا ،فاستطاع أن يستميل فريقا من حجاج كتامة ،الذين اصطحبوه معهم إلى المغرب ..." والحقيقة أن عبيد الله الشيعي لم يدخل القيروان الا بعد أن مهد له داعيته ابو عبد الله الشيعي الطريق للحكم ،والداعية ابو عبد الله الشيعي هو من قام باستمالة الوفد الكتامي من اجل نشر المذهب الإسماعيلي وسطهم ومن ثم مرافقتهم لموطنهم الاصلي الجزائر ،إن بعض الهفوات التاريخية قد تدخل الكاتب في متاهات لذا وجب التنبه لمثل هذه الأخطاء وخاصة فيما يتعلق بالتاريخ

رواية جميلة مختلفة تدور في فترة زمنية لم اقرأ عنها من قبل مصر الفاطمية زمن المستنصر وما حدث بها من مجاعة لكاتب جميل أول مرة اقرأ له أيضا ولكن بخلاف ما قال في روايته ( ليس عليك أن تكتب لتبقى حياً، ولكن ابق حياً لتكتب) هو كتب ليبقى حياً...

ريــــڤــــــيــــــــو.

-العمل. أبقَ حيَا.

-الكاتب. إبراهيم أحمد عيسي.

-اللغة. العربية الفصحي سرداً وحواراً.

-الصفحات. 220.

-الفئة. مش عارفه احددها أنا حاسة انه سيرة ذاتية أكثر من كونه عمل تاريخي.

-دار نشر. تويا للنشر والتوزيع.

المكان. مصر (القطائع، الفسطاط، القاهرة،.....)

-الزمان. فترة الحكم الفاطمي في مصر.

__________

-الغلاف. يحمل صورة رجل متشبث بمجلد، هو ما يمثل شخصية بطل العمل (حسن) وخلفه صورة لمنازل قديمة ترمز لحال الحقبة التاريخية إن ذاك. مناسب للعمل.

-السرد. سلسل متميز، ننتقل فيه بين الأحداث التي تتضح شيء فشئ، من رجلي يلتقط أنفاسه الاخيرة لخط سير حياته كاملاً، حتي نقطة البداية التي انطلقت منها الأحداث.

-الحوار. مقسم بين الشخصيات بشكل يتناسب مع ادوارهم داخل العمل.

-البداية. شاب دمشقي قدم للتعلم في مصر، ليعيش باقي أحداث العمل مطارد وهارباً.

-النهاية. عودة حسن للفسطاط مرة أخري ، وكأن ما تكرهه لا يحدث غيره، فر هارباً لتعيده الحياة لنفس نقطة البداية.

__________

-الشخصيات.

•حسن عبد السلام الدمشقي. بطل العمل وقاص كل الأحداث كما وضعها الكاتب، حارب طوال العمل ليس فقط ليحافظ علي مذهبه السني بل ليحافظ علي إنسانيته، ساعد الكثيرين طوال الأحداث، رغم تعرضه للخيانة والغدر منهم.

•الشيخ عبد الرحيم البازوري. شيخ ومعلم سني، يتبني حسن هو وزوجته، يعدل طريقه ويوضح له سير ومجريات الأمور، ليقتل ويستمر ذكره باقي في نفس حسن وزوجته.

•محمود عز الدين. شاب يتعلم مع حسن وصديقه، الذي كلما تعرض لضغوط ضحي بصديقه واخبر عنه حتي ما قبل قتله، رغم مواقف حسن المشرفة معه الإ أن ذلك لم يغفر له، تغير تماماً في سنوات القحط وقتل والتهم جسده الجوعي.

•يعقوب. الخل الوفي، الذي تقابل بعدار ان انقطعت سيرتك بالصداقه والاصدقاء، انقذ حياة حسن عدة مرات. وساعده ووقف بجواره وحافظ علي إنسانيته.

•جعفر بن رجب الماوردي. الوزير السني الذي يعمل تحت قيادة شيعية، يساعد في التخلص منها والعودة تحت حكم الخلافة العباسية وظلها، لم يمهله القدر ويقتل.

•عثمان. الصديق الخائن، الذي مهما قدمت له لن تأمن مكره وغدره، انتهي نهاية تناسب شروره واكاذيبه، رجل كل العصور والأزمان، يمكنه أن يغير مبادئه مقابل المال ومركز اجتماعي مرموق.

•مريمة. التي تكون بمثابة ام لحسن، تحبه وترعاه، يعصمها دينها من الافتتان بالحياة وفقدان إنسانيتها، هي زوجة الشيخ عبد الرحيم، أفضل نموذج نسائي مثالي داخل العمل 👏.

•زبيدة. ابنة الوزير، تقتل والدها لانه سني، وهي تتبع المذهب الشيعي، تخدع حسن وتخدعنا طوال العمل،رغم محاولة الكاتب، إظهار ذلك من خلال لفتات بسيطة ليحافظ علي عنصر التشويق.

•مليكة. التي كانت جارية، ثم يدفعها الجوع للمحرمات، ليعيدها حسن ويعقوب للطريق الصحيح، تساعد حسن مع يعقوب وتنقذه عدة مرات متتالية.

•فاطمة. امرأة في الفسطاط، تؤمن بخرافات لتساعدها علي البقاء علي حياة ابنها، ثم بعد كل ذلك تفقده.

•عبد القادر السقا، الخلفاء باختلافهم، الب أرسلان،......

__________

-الأفكار التي تناولها العمل.

١.الحياة في ظل الحكم الشيعي في مصر كيف كانت وكيف أصبحت؟

٢.الخيانة بكل اشكالها وأنواعها من خيانة اصدقاء وخيانة شعور كزبيدة.

٣.الصدق والوفاء، الصبر، الدين المتمثل في الشيخ عبد الرحيم، يعقوب، مليكة، مريمة، حسن.

٤. الفكرة الرئيسيه من وجهة نظرى البسيطة هي ان فقد الجميع إنسانيته هل ستكون مثلهم ام لا؟ أن تبدلت مبادئ الجميع هل ستكون صورة عنهم ام تحاول تعديل المسار؟

٥.محاولة الإصلاح حتى الرمق الأخير.

٦.لا أحد يبقي معك للنهاية غير الله.

٧.المحاولة المستميتة للحفاظ علي المبادئ المعنوية(كالمذهب السني) والمادية(كالحفاظ علي الإنسانية وسط اكلة بعضهم البعض.

٨.اكد علي فكرة ان الرعية لها دور في رفع الظلم عن كاهلها برفضه وتبني موقف منه.

٩.طرح الكاتب سؤال هام كيف سيعود هؤلاء بشراً بعدما غدوا وحوشاً تلهم بعضها البعض؟

___________

_الجوانب الإيجابية.

١.القيم الاخلاقية الكثيرة الإيجابية والسلبية التي ظهرت من خلال شخصيات العمل.

٢.الكثير من الرمزيات كفاطمة التي كانت نموذج للجهل والاستعانة بأشياء لاتبقي ولاتذر للحفاظ علي حياة وليدها الذي فقدته بالنهاية، الغراب الذي كان يرمز لملابس الشيعة بالعمل، الرايات السوداء، انتهاء الجدب بعد القضاء علي الظلم رمز لذلك بجريان مياه نهر النيل وعودة الحياة،......

٣.مصداقية الكاتب في وصف وسرد الأحداث وذكر اسم الكتب التي استعان بها.

٤.موضوعية الكاتب ووقوفه علي الحياد من جميع الشخصيات وسرد مواقفهم دون تبني وجهة نظر أو شعور من أحد الشخصيات.

٥.الوصف الدقيق للحكم الفاطمي في مصر بوصف عاداتهم، طريقة الحكم أو الانقيادية، الضعف والوهن والظلم.

٦.جسد الكثير من المشاهد كأننا نري لا نقرأ كمشهد قتل بغلة الوزير عثمان ومقتل محمود، الذي يصل بنا لكيف وصل حد الظلم هناك، بأن يقتل أشخاص لانهم قتلوا بغلة في ظل المجاعات، بل لتأكيد ذلك من خلال انه بعد قتلهم التهم الجوعي الجثث.

٧.وصف الشخصيات واثقلها من خلال تتبع جميع الشخصيات حتي آخر صفحات العمل.

٨.إيجابية شخصيه حسن رغم اقترابه من الموت.

_الجوانب السلبية.

١.اهمل الكاتب الجانب التاريخي لدمشق وشكل الحياة بها ويذلك اهمل حياة حسن الاولي.

__________

اقتباسات عجبتني من العمل.

•الثقة مقبرة الصداقة.

•تحليت بالأمل.. أمل يشوبه قلق، ولكن ليس خوفاً.. فالقلق يكون غالباً محاولات للتنبؤ بما هو قادم، أما الخوف فهو حالة يصنع فيها عقلنا أسوأ النتائج.

•دائماً ما يُرعبنا جهلنا بما نحن مقدمون عليه.

•ليس عليك ان تكتب لتبقي حيًا، ولكن ابق حيًا لتكتب.

•ففي هذه الأوقات إن كانت الوحدة مخيفة، فالرفقة مرعبة للغاية.

•لم يعد هناك مكان للإنسانية، قست قلوب الناس وبرزت أنيابهم.

•أن أردت أن تهزم الخوف، لا تغلق عينيك... واجه وتحدي.

ريهام أحمد.

◾اسم الرواية : ابقَ حياً

◾اسم الكاتب : إبراهيم أحمد عيسى

◾نوع الرواية : تاريخية/إجتماعية/خيالية

◾اصدار عن : Al-Karma Publishers دار الكرمة

◾عدد الصفحات : ٢٥٤ صفحة على أبجد

◾التقييم : ⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️

- حسن بن عبد السلام الدمشقي طالب علم مسلم سني جاء من الشام ليدرس العلوم الدينية في كنف الأزهر الشريف ، ليتخذ من الشيخ عبد الرحيم معلمآ وأباً وقدوة ...

يحركه فضوله دائما ، وما يمتلك من شجاعه ودين تدخله في دفاع عن مظلوم ،فيعجب به الوزير جعفر بن رجب الماوردي ويقدم له دعوه للقاهرة ...

ليذهب مع صديقه محمود لينبهرا بمظاهر البذخ والترف والإحتفالات ، وهذا الأذان الشيعي ....

- رحلة يخوض فيها حسن في بلد مليئه بالفتن ، رحلة يبحث فيها عن الصداقة والحب والدين ..

- يتعلم في رحلته بمن يجب أن يثق فالمظاهره خداعة يا صديقي ...

- يتعرض للظلم والسجن والجوع والقهر ...

-فهل سيتزعزع إيمانه ؟ هل سيجد حبيبته زبيدة بنت الوزير ، هل سيجد عثمان ومحمود ويعقوب نعم الإصدقاء ؟

- هل سيحافظ على إنسانيته بعد ان جف النيل، وانتشر الوباء ، ونفذ الطعام ، وأكل الناس القطط والكلاب والفئران ؟

- هل سيتحكم في جوعه ، وهو يرى الناس يأكلون بعضهم، يقتاتون على لحوم بعضهم من أجل البقاء !!

◾رأيي في الرواية :

هي ملحمة تاريخية في فتره عصيبة تحكي سنوات عجاف في عهد الدولة الفاطميه ، عهد المستنصر بالله ، الخليفه بعد الحاكم بأمر الله في مصر مقيما للدوله العبيدية الشيعية محاولا ترسيخها في القاهره ..

مقاتلا لكل من يحاول الاستعانه بالسلاجقة لنزع الحكم من الشيعة ...

رواية قوية الأولى من نوعها التي تحدثت عن الشدة المستنصرية ، تلك الفتره الظلماء في تاريخ مصر ...

وجدتها قوية فقد تناولت التاريخ والحب والحياةوالمبادئ والصراع للبقاء ، استمتعت بها ، وسافرت بين صفحاتها لتلك الفتره السودوايه الغامضه من التاريخ ...

◾النهاية :

جاءت حلاً للغموض في أول صفحات الكتاب ، وجاءت قوية غير متوقعة لرحلة حسن فالبحث عن الصديق ، والحبيبة ...

◾الغلاف :

غلاف معبر تظهر فيه القاهرة بتراثها بمآذنها الشامخة ، وأمامها حسن بطلنا الملثم المدثر بالسواد والدروع ، فلقد أحسن الغلاف إيصال الفكره ...

◾الحبكة :

حبكة قوية اعتمدت على التسلسل والتنقل بين الأحداث ...

◾الأسلوب :

اسلوب حكائي للدرجه الأولى احسن وصف الأماكن ، الشخصيات ، الإنفعالات والمشاعر ...

◾اللغة :

لغة عربية فصحى سلسلة سليمة خالية من الأخطاء .

◾الشخصيات :

تنوعت شخصيات الروايه بين الخير والشر ...

فتجد نفسك تندمج مع كلاً منها بسهوله لدقة لوصف ...

◾اقتباسات من الكتاب :

❞ لكي تنجو فعليك أن تمنح عقلك القيادة، أن تعطيه فرصته ليُبدع ويجد سُبلًا ويطورها مع الوقت، والأهم من ذلك أن تمنحه الإيمان ليمنحك الأمل! ❝

❞ ‫ قبضت يداه على ملابسي بقوة،

صار يجذبني بكل ما أوتي من حياة،

وبصوت خافت همس:

ـ ابقَ حيًّا! ❝

أنصح بقرائتها جدا ❤️

#ابق_حيا

#إبراهيم_أحمد_عيسى

ممتازة

من أجمل ما قرأت

اشتريتها ورقي من معرض الكتاب