الأتابكة في الموصل بعد عماد الدين زنكي
تأليف
رشيد الجميلي
(تأليف)
موضوع دولة الأتابكة في الموصل من الموضوعات التاريخية الحية، التي توضح الدور الهام الذي لعبه الأتابكة على مسرح أحداث الشرق الأدنى الإسلامي، في القرنين السادس والسابع الهجريين، في فترة من أشد فترات العالم الإسلامي تحرجاً، إذ تعرض فيها لحركة استعمار دولي واسعة النطاق، اتخذت من الدين ستارا لها، ونجحت في تحقيق أهدافها السياسية، بتكوين أربع إمارات صليبية في قلب العالم الإسلامي، مستغلة تدهور نفوذ السلاجقة، وعجز الخلافة العباسية بالشرق من ناحية، وانحلال الخلافة الفاطمية في مصر والشام من ناحية أخرى. وأحس المسلمون أمام هذا الخطر الصليبي، الذي يهدد بلادهم أنه لا سبيل لصد العدوان، وطرد المغتصب إلا بتضامن القوى الإسلامية وتماسكها والوقوف وقفة رجل واحد في وجه الصليبيين. وفي خصم هذه الأحداث، برزت شخصية عماد الدين زنكي مؤسس دولة الأتابكة في الموصل، في طليعة القرن السادس الهجري، ويسجل ظهوره بداية مرحلة جديدة في تاريخ الشرق الأدنى الإسلامي، فقد عزم على رفع راية الجهاد، ضد الصليبيين في الشام، ولكنه اصطدم بحالة التمزق والتفكك السياسي، التي كانت تسود العالم الإسلامي يومئذ، فأدرك حتمية تجميع القوى الإسلامية، وحشد طاقاتها في الجزيرة العراقية والشام، قبل القيام بأي خطوة إيجابية لمواجهة العدوان الصليبي، وحتى لا يدع للأعداء الفرصة في أن ينفذوا من تلك الثغرة، ويحققوا مخططهم البغيض.