عندما يقوم العربي من باب المندب في اليمن إلى باب الواد في المغرب دون أن يستوقفه أحد أو تمتد يد أحد لتلزقه على قفاه، عندئذ ستعود القدس وتعود عكا وستعود أم الرشراش التي حكم الزمن عليها فأصبحت إيلات
مسافر بلا متاع
نبذة عن الكتاب
ولأنى حمقري (مزيج من الحمار والعبقري) فقد كنت أظن أن كل رجل ضاحك رجل هلّاس.. ولأني حمقري كنت أرفع شعارًا حمقريًّا «أنا أضحك إذن أنا سعيد»، وبعد فترة طويلة من الزمان اكتشفت أن العكس هو الصحيح، واكتشفت أن كل رجل ضاحك رجل بائس، وأنه مقابل كل ضحكة تقرقع على لسانه تقرقع مأساة داخل أحشائه، وأنه مقابل كل ضحكة ترتسم على شفتيه تنحدر دمعة داخل قلبه.. ولكن هناك حزن هلفوت، وهناك أيضًا حزن مقدس.. وصاحب الحزن الهلفوت يحمله على رأسه ويدور به على الناس.. التقطيبة على الجبين، والرعشة في أرنبة الأنف، والدمعة على الخدين.. يالاللي! وهو يدور بها على خلق الله يبيع لهم أحزانه، وهو بعد فترة يكون قد باع رصيده من الأحزان وتخفف، ويفارقه الحزن وتبقى آثاره على الوجه، اكسسوارًا يرتديه الحزين الهلفوت ويسترزق.. لكن الحزن المقدس حزن عظيم، والحزن العظيم نتيجة هموم عظيمة، والهموم العظيمة لا تسكن إلا نفوسًا أعظم.. والنفوس الأعظم تغلق نفسها على همها وتمضي.. وهي تظل إلى آخر لحظة في الحياة تأكل الحزن والحزن يأكل منها، ويمضي الإنسان صاحب الحزن العظيم - ككل شيء في الحياة - يأكل ويؤكل، ولكن مثله لا يذاع له سر، وقد يمضي بسره إلى قبره! ولذلك يقال: ما أسهل أن تبكي وما أصعب أن تضحك. ولكن هناك أيضًا ضحك مقدس، وهناك ضحك هلفوت.. الضاحك إذا كان حزينًا في الأعماق صار عبقريًّا، وإذا كان مجدبًا من الداخل أصبح بلياتشو يستحق اللطم على قفاه! ونحن أكثر الشعوب حظًّا في إنتاج المضحكين.. مصر العظيمة كان لها في كل جيل عشرات من المضحكين، ولقد استطاع بعضهم أن يخلد ولمع بعضهم حينًا ثم فرقع كبالونة منتفخة بالهواء، بعضهم أصيل وبعضهم فالصو، بعضهم مثل الذهب البندقي وبعضهم مثل الذهب القشرة.عن الطبعة
- نشر سنة 2010
- 132 صفحة
- [ردمك 13] 9789770928437
- دار الشروق
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
199 مشاركة
اقتباسات من كتاب مسافر بلا متاع
مشاركة من عبدالله الخطيب
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Shami Ahmed
أن تسائلت ماذا صنع الله بالعم السعدني بعد أن عاد لمصر لينهي فترة الشتات ومع اول ايام مبارك. قد تجد في هذا الكتاب جواب. ما لاحظته .. هو وعي العم محمود بكبر سنه و تخففه من ما كان يشغله في صباه و شبابه إلى الميل نحو البساطه و الروية في نظره للأمور. لكن يظل السعدني الساخر الأكبر .. فإن لذع و قرص أوجع.