آخر حرب للحمير ضد الذئاب كانت منذ حوالي عشرين عاما، بعد ذلك تفرغوا للحرب ضد أنفسهم، ومنذ ذلك الحين كلما ظهر زعيم من صنف الحمير فإنه يتصدى للحرب ضد الذئاب في الإذاعة أحيانا يهددهم بالنسف، وأحيانا يتوعدهم بالخنق، ولكنه لا يفعل أكثر من ذلك، وكان الحمير سعداء بهذا النوع من القتال فيتظاهرون عقب كل تهديد، ويهتفون للزعيم الذي يقود المعركة في الإذاعة ويرفعون صورته فوق الأعناق،
حمار من الشرق > اقتباسات من كتاب حمار من الشرق
اقتباسات من كتاب حمار من الشرق
اقتباسات ومقتطفات من كتاب حمار من الشرق أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الكتاب.
حمار من الشرق
اقتباسات
-
مشاركة من عمرو جعفر
-
ولذلك ستجدين مناطق في العصر الحميري أهلها يأكلون البسكويت، ومناطق أخرى أهلها يأكلون الحندويل، ناس تلقي بالفلوس في التراب، وناس تلحس التراب، ناس تستورد كبد العصفور والجبنة الركفورد وعرف الديك الكوكور وناس تفطر بالدود. وتصطاد الغراب للعشاء.
مشاركة من عمرو جعفر -
قالت: ولماذا لم يهربوا من عصركم الحميري؟
قلت لها: سؤال وجيه فعلا، ولكني لا أعرف له جوابا، ربما لأنهم كسالى، ربما لأن لديهم بعض الأمل في تغيير الأحوال، والانتقال بالعصر الحميري إلى العصر الجاموسي، فيصبح لهم فائدة على كل حال، وربما بعض الغلوشات والهلوسات التي تصيب صنف الحمير، مثل الارتباط بالأرض والالتصاق بالطين والعودة إلى مسقط الرأس. والبقاء في أرض الجذور.
مشاركة من عمرو جعفر -
فالمارشالات تبعنا لا يحاربون أعداءنا إلا في الإذاعة، ويتصدون للإمبريالية في الصحف والجرائد السيارة وهم في أعماق أعماقهم يتمنون أن يبقى العدو لا يبرح مكانه لأن وجود العدو داخل أراضينا يجعل منه شماعة يعلق عليها المارشالات كل أخطائهم وخطاياهم. وبسبب العدو الذي لم يجرؤ مارشال واحد منهم على التهويب نحو حدوده تضيق السجون بالأحرار وتلتف حبال المشانق حول رقاب المعارضين، وبسببه أيضا تختفي الديمقراطية ويسحق المواطن المسكين تحت الأقدام.
مشاركة من عمرو جعفر -
ويعيش المواطن في العصر الحميري أغلب حياته في ظل الوهم وفي ظل الخديعة، ويعيش في انتظار الوهم الذي سيتحقق بفضل قيادة وتوجيهات وتعليمات وإرشادات وتخطيطات الزعيم الملهم مارشال البر والبحر والجو والوريث الوحيد والأكيد لخالد بن الوليد والقعقاع والظاهر بيبرس وعلي بك الكبير وعلي بيه لوز!
مشاركة من عمرو جعفر -
أنا شخصيا توليت إدارة التحرير في جريدة تصدر في بلد حميري آخر، واكتشفت وأنا أتسلم العمل من مدير التحرير السابق أنه لا يعرف القراءة والكتابة، مع أن بطاقته كانت تحوي لقب دكتور ولما سألته دكتور في إيه؟ أجابني بأنه دكتور في لندن!
قالت: إذن ليس لديكم جامعات تمنح درجة الدكتوراه.
قلت: لدينا دكاترة بعدد شعر الرأس
مشاركة من عمرو جعفر -
وكانت بدايتنا أيتها الست الخواجاية نبيا مرسلا من السماء ما أعظمه وما أكرمه، حذرنا ذات يوم بكلمات مضيئة، إنما هلكت الأمم من قبلكم لأنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الفقير أقاموا عليه الحد.
وكان لدينا علماء امتد سيف الحاكم لرقابهم لكنهم رفضوا أن يتفوهوا بكلام غير الحق
مشاركة من عمرو جعفر -
إن الشاعر بياع وقد باع بضاعته لكل الزبائن بعد أن أوهم كل زبون أن يبيعها له وحده. وهو هنا يسير على درب مواطن في بلادنا لا أذكر اسمه يمتلك دكانا ليبيع الكباب في حي عابدين كان اسم الدكان حاتي الملك. فلما ذهب الملك سماه حاتي الثورة. فلما ذهبت الثورة أطلق على الدكان اسم حاتي الانفتاح.
مشاركة من عمرو جعفر -
هل الشاعر الجاهلي إياه ترك لكم تراثا تعتزون به؟
قلت: بالطبع لقد ترك لنا ديوانا واحدا ولكن بثلاثة أسماء.. ففي عهد الملك أصدر ديوانه بعنوان الملك الصالح، فلما ذهب الملك وجاءت الثورة أعاد الشاعر طبع ديوانه ولكن تحت عنوان الثورة المباركة، فلما خفت صوت الثورة وأفل نجمها أعاد الشاعر طبع ديوانه للمرة الثالثة وفي هذه المرة كان بعنوان الصحيح في التصحيح.
قالت البنت مندهشة: ولكنها عبقرية فذة أن يصدر الشاعر ديوانا واحدا في ثلاثة عهود مختلفة.
قلت: في الواقع العهود مختلفة ولكن الموضوع واحد، فالشاعر مداح.. مدح الملك والثورة والتصحيح بقصيدة واحدة
مشاركة من عمرو جعفر -
شهقت البنت وانزعجت، وقالت: إذن عندكم برنامج للفضاء؟ قلت: عندنا فضاء ليس بعده فضاء، ولدينا فراغ من هنا وإلى يوم القيامة.
قالت: وعندكم مركز لإطلاق الصواريخ بالطبع؟
قلت: صواريخنا على قفا من يشيل، ونطلق اسم الصواريخ على السجائر الملفوفة بالحشيش.
مشاركة من عمرو جعفر -
قلت: عيبك الوحيد أيتها البنت الفرنساوية أنك تدرسين العصر الحميري على الورق ولا تدرسينه في الطبيعة. فنحن يا بنت الأبالسة لا ننتخب حكامنا ولا نختارهم ولكنهم يحطون على رءوسنا كما المصيبة، وينزلون بنا كما الكارثة، ويجلسون على الكراسي كما المآسي، ولا فكاك منهم إلا بعمك المنقذ عزرائيل!
مشاركة من عمرو جعفر -
فاعلمي أيتها الغندورة أننا في العصر الحميري نبدأ الحديث عن الصين ونستغرق الوقت كله في الحديث عن البرتغال! نرفع شعارات التحرير ونوقع المعاهدات السرية للتبعية والاحتلال، نتكلم عن الكفاح المسلح ونجعله في واقع الأمر مجرد كفاح مشلح.. لا يزيد! نحارب الاستعمار، ونقبض من مخابراته! ندعو إلى العدالة الاجتماعية ونفتح بوتيكات بأسماء زوجاتنا في الحمرا وفي الشواربي وفي شارع الشيخ حمدان! نتكلم عن الدين والحرب والكتاب المقدس ونشارك في رأس مال ملهى ليلي بشارع الأهرام أو في الزيتونة أو في السمج أو في الامتداد! أنتم تسمونها حمورية ونحن نسميها كياسة وسياسة وفتح عينك تاكل ملبن، وصلي على الواحد القهار!
مشاركة من عمرو جعفر -
وعندنا سبهللة في إطلاق الأوصاف والألقاب، فمثلا، أيامنا كلها خالدة، وخطب زعمائنا كلها تاريخية، وكل خطاب لا بد أن يكون له صدى في العالمين، ولدينا أجهزة إعلام متخصصة في نشر الصدى والتعليق على الصدى! وكلما تولى عمدة في بلادنا منصبه أصبح يوم توليه ثورة، وعندنا ثورات بعدد شعر رؤوسنا، ثورة الفاتح من سبتمبر، وثورة القافل من نوفمبر، وثورة النازل من فبراير وثورة الطالع من يناير، وثورة ١٥ عبده وثورة ١٣ رجب، وثورة ١٨ نيسان وثورة ٣١ أمشير، وكل ثوراتنا والحمد لله عالمية، وكلها غيرت وجه التاريخ وغيرت معالم الجغرافيا!
مشاركة من عمرو جعفر -
قلت: لا بأس، ففي بلادنا كل شيء ممكن وكل شيء جائز وكل شيء معقول. والحجز موجود والقانون موجود وبينهما تعايش سلمي! وهما يسيران على خطين متوازيين ولن يلتقيا.. القانون في الشرق والحجز في الغرب والناس في بلادي لا تغضب ولا تأسف ولا اعتراض لديهم ولا مانع. فكل ما خلق الله له حكمة حتى السجن والظلمة والكي بالنار.
مشاركة من عمرو جعفر