دائماً ما أجد صعوبة ف تقييم الروايات التي تجعلني أشعر أثناء قراءتها بأحاسيس مضطربة متذبذبة غير راسية ع بر واحد وهو ما تحقق بالفعل ف رواية باب الليل .
باب الليل حيث المكان هو البطل حيث المقهى التي تدور فيه الحكايات الإنسانية لأشخاص لا يربطهم سوى الضياع والرغبة ف البحث عن شاطئ للاستقرار عليه ، فهناك الباحث عن الوطن ، والباحث عن الدفء الأسري ، والذي يبحث عن الانتقام ممن دمروا حياته ووطنه ، والآخر الباحث عن الحب الضائع ، وتلك الباحثة عن فرصة لإثبات نفسها ، والتي تحاول أن تتخلص من شعورها بالكره تجاه شقيقتها ، وأخرين .
ولكن هناك رابط خفي بينهم هو الرغبة ف تلبية احتياجاتهم الجنسية والجسدية وغرائزهم الشهوانية ، ويوضح السرد المتتالي كيفية تحول كل شخص من شخصيات الرواية من حياته الأولى إلى حياة ثانية مختلفة تماماً ف كل شئ ، حياة اساسها الأول اللذة والمنفعة بكافة أشكالها .
تختلط الحكايات مع المشاعر ف أبواب الرواية بشكل احترافي كبير لا يجعلك تشعر بأي ملل ، أما الأسلوب واللغة فلا غبار عليهما ، فقد اتبع وحيد الطويلة أسلوب أشبه بالسرد الشعري ولكنه ليس بالشعر ولكن به من الجمال والانسيابية الكثير ، تشعر وانت تقرأ أنك أشبه بالنحلة تستخلص الرحيق المعسول من كل قصة برشاقة ويسر .
ورغم ان المحور الأساسي للرواية هو الجانب الإنساني لكن هناك أيضاً الجانب الوطني وحضور كبير للمأساة الفلسطينية .
لا أنكر وجود الجنس بكثرة ف الرواية ولكن حتى ذلك تمت معالجته بشكل أدبي رائع ، وما اجمل التشبيهات التى اعتمد عليها الطويلة بشكل اساسي ، أنه اشبه بفنان محترف بشكل كبير .
الرواية تتكون من 15 باب ولكل باب عنوانه الخاص به والمعبر عن محتواه ، ونجد أيضاً أن الكاتب نجح ف التعبير عن ما يرغب ف إيصاله داخل كل باب من خلال اختياره الذكي للعنوان .
بعد كل هذا ، لماذا يأتي تقييمي متراوحاً ما بين 3 نجوم ونصف و4 ؟ ربما لشعوري بأن هناك أجزاء معينة طال فيها السرد والتكرار بشكل كبير مما أدى إلى شعوري بالملل وإن كان شعور عابر لم يستمر طويلاً ، ولكن ف المجمل عمل أدبي رائع تحققت فيه جميع مقومات النجاح سواء من حيث الفكرة أو أسلوب المعالجة أو اللغة الأدبية المستخدمة
ملحوظة أخيرة : ف البداية عزيزي القارئ أثناء قراءتك لتلك الرواية ستشعر بعدم الفهم والغموض وربما تقرر عدم إكمالها ولكن عليك بالتريث قليلاً حتى تجد نفسك تلقائياً منغمساً بدرجة كبيرة ف كل شئ وارد داخل الرواية