لم يكن آينشتين عبقريا بقدر ما كان حالماً شجاعاً.... هذا ما ظل يتبادر إلى ذهني وأنا اقرأ ما يمكن أن نعتبره ترجمة غيرية لسيرة آينشتين أو سيرة نظرياته فالكاتب اتخذ من أفكار آينشتين ومراحل تطور نظرياته محطات لأجزاء كتابه الثلاثة بفصولهم التسعة.
بدأ ميتشيو كاكاو، الفيزيائي المتخصص في نظرية الحقل الوتري String Theory والتي ستظهر في الفصل الأخير من الكتاب كإحدى الحلول لحلم آينشتين الذي ظل يراوده حتى وفاته بأن يوحد أعظم نظريات العلم الحديث وأكثرها تناقضاً نظرية الكم Quantum Theory ونظريته النسبيةRelativi
يمزج الكاتب بين الأسلوبين القصصي والعلمي في السرد وهو ما.يجعل الكتاب مشوقاً ومناسباً حتى لغير المتخصصين. لا يخلو الكتاب، في الوقت ذاته، من الكثير من المصطلحات والشروحات العلمية البحتة للكثير من مفاهيم الفيزياء وميكانيكا الكم Quantum Mechanics تحديداً، لذا سيجد دارسو العلوم والهندسة الكثير من المتعة في استكشاف حقيقة نظريات الكم التي يدرسونها في مواد مثل الكيمياء الفيزيائة physical chemistry وفيزياء الكم Quantum Physics حيث يسرد الكاتب تفاصيل كثيرة متعلقة بالمراحل التي مرت بها هذه النظريات دوافع أصحابها للأتيان بها والشكوك التي ساورتهم حيالها (وساورت من حولهم) والكثير من التفاصيل الملهمة التي تغيب عنا داخل حجر الجامعة ويتم اختزالها في معادلات رياضية تفقد أغلب قيمتها إن لم نعرف كيف ومن أين أتت وما الذي تعنيه من الناحية النظرية.
لا يعني ذلك أن الكتاب يعج بالمعادلات الرياضية والقوانين الفيزيائة فهو يكاد أن يخلو منها ما عدا معادلة آينشتين الشهيرة E = m x c2 وتعني أن الطاقة المختزنة في أي جسم تساوي كتلته مضروبة في مربع سرعة الضوء وهو ما يعني أن أجسام ذات كتل صغيرة جداً يمكن أن تتولد منها طاقة عظيمة لأن حاصل ضرب هذا الكتلة الصغيرة بمربع سرعة الضوء الضخم يعطي ناتجاً ضخماً وهو الأمر الذي ألهم العلماء وأسس لتوليد الطاقة النووية فيما بعد.
وبالعودة لمسألة المعادلات فإن الكتاب، وفي إطار حديثه عن مراحل تكوين آينشتين لأهم نظرياته، يشرح الظروف والملابسات للأتيان بهذه النظرية أو تلك المعادلة سواء كانت لآينشتين أو لمن تأثر بهم أو تأثروا به من العلماء وللأمانة فإن الكتاب وفي كثير من الأحيان يفترض امتلاك القارئ لخلفية فيزيائة قوية فيشير للعديد من المصطلحات والنظريات بشكل عابر مما قد يتعب القارئ غير المتخصص ولكنه مع ذلك سيجد في الروح العامة للكتاب ما يمتعه ويلهمه خصوصاً في الأجزاء المتعلقة بحياته وخصاله الشخصية ومعاناته.
فإلى جانب نظرياته الفيزيائية، يناقش الكتاب شيء من آراء آينشتين الفلسفية والدينية وتوجهاته السياسية. وبالإضافة للعبقري المشهور، يتحدث الكتاب عن آينشتين الطفل غريب الأطوار والشاب اليائس والمناضل السلمي خلال الحرب العالمية الأولى ورجل المجتمع الودود والخطيب المفوّه واليهودي المضطهد من أعداء السامية أبان الحكم النازي (الأمر الذي دفعه إلى دعم القضية الصهيوينية فيما بعد حتى أنه رشح لرئاسة إسرائيل خلفاُ لفيتزمان قبل وفاته بقليل).
قرأت النسخة العربية من الكتاب ترجمة شهاب ياسين عن الدار العربية للترجمة والنشر، وبالرغم من جودة الترجمة فإنني واجهت صعوبة في فهم بعض الترجمات للمصطلحات العلمية التي اعتدنا دراستها باللغة الإنجليزية ولذا أفكر بإعادة قراءة الكتاب باللغة الإنجليزية لاكتساب المزيد من الفهم مع العلم أن الكاتب أرفق قائمة بالمصطلحات العلمية الواردة وترجمتها باللغة الإنجليزية.