الدولة الفاطمية - علي محمد الصلابي
أبلغوني عند توفره
شارك Facebook Twitter Link

الدولة الفاطمية

تأليف (تأليف)

نبذة عن الكتاب

يتحدث هذا الكتاب عن الدولة العبيدية "الفاطمية"منذ نشأتها وحتى سقوطها. ويحاول أن يسلط الأضواء على أسباب نجاح الدولة الباطنية في الشمال الأفريقي، ويبين حقيقة الصراع بين الدولة الفاطمية وأهل السنة. ويتطرق إلى المجهودات التي قام بها أهل الشمال الأفريقي لمحاربة الدولة العبيدية، ودور العلماء في التعليم والتربية. ومما جعل للكتاب اهتماماً كبيراً في العالم العربي والإسلامي. والتفسير للأحداث التاريخية التي تأثرت بالمشرق الإسلامي في حركتها التاريخية.
عن الطبعة
  • نشر سنة 2009
  • 208 صفحة

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

أبلغوني عند توفره
3 2 تقييم
26 مشاركة

اقتباسات من كتاب الدولة الفاطمية

الافكار لا تموت في الغالب وانما يتغير اشكالها ولباسها وفق ما يحتاجه اهل كل مكان وزمان

مشاركة من soumia bg
اقتباس جديد كل الاقتباسات
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب الدولة الفاطمية

    2

مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    3

    بداية أعتقد إن إسم الكتاب يحتاج إلى تغيير، فالاسم الأنسب له قد يكون "كيف سقطت الدولة الفاطمية" أو " أعداء الدولة الفاطمية" لكنه بالتأكيد لن يكون "الدولة الفاطمية".

    الكتاب لا يتكلم عن الدولة الفاطمية نفسها إلا لماما، فاللافت للنظر مثلا أن مصر التي كانت مقرا هذه الدولة لا يتعرض لها الكاتب و لا لأحوالها تحت الحكم الفاطمي بشيء تقريبا، فالجزء الأكبر من الكتاب يدور حول المقاومة العنيدة التي واجهتها الدولة الفاطمية في دول الشمال الأفريقي –الشمال الغربي تحديدا- و التي حملت لواءها الدولة الصنهاجية، قبل أن ينتقل لواء هذه المقاومة إلى الشرق على يد نورالدين زنكي في الشام و خليفته صلاح الدين الأيوبي الذي كتبت نهاية هذه الدولة على يديه.

    يبدأ الكتاب بإستعراض نشأة المذهب الشيعي تاريخيا، و يهتم بتفنيد سبب هذه التسمية المشتقة من التشيع لآل بيت رسول الله -عليه وعليهم صلوات الله و سلامه- و بيان أن التسمية الصحيحة له هو المذهب الرافِضِّي، المشتقة من من رفض جماعة منهم لزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب –رضي الله عنهم أجمعين- و نقضهم لبيعته لما نهاهم عن سب الشيخين أبي بكر و عمر رضي الله عنهما.

    و الإهتمام بالمسميات و التركيز عليها أحد سمات هذا الكتاب عامة، و هو ما سيتكرر عند فكرة تسمية الدولة نفسها.

    ثم يعدد الكاتب فرق الشيعة ، و يبين فساد مذاهب هذه الفرق جميعا، حتى يصل إلى الشيعة الإسماعيلية ،نسبة إلى تشيعهم لإسماعيل بن جعفر الصادق، ومن مسمياتهم كذلك القرامطة –لم يذكر سبب هذه التسمية- و الباطنية نسبة لقولهم بأن لكل ظاهر باطنا و لكل تنزيل تأويلا، ثم يركز الكاتب على فساد فكر الباطنية تحديدا و يبين أوجه إنحرافاتهم التي تصل إلى إتهامهم بالإلحاد، و سبب هذا التركيز كما سيتبين أن هذا هو مذهب عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية في الشمال الأفريقي و مذهب خلفائه من بعده.

    يسرد الكاتب مراحل إنتشار دعوة الشيعة الإسماعيلية في عهد الدولة العباسية، بداية من اليمن على يد رستم إبن حوشب، ثم إنتقالها إلى المغرب على يد أبو عبد الله الشيعي الصنعاني الذي أقام دولته في القيروان بعد أن إستغل ضعف دولة الأغالبة في في تونس و ظلمها لتأليب الناس عليها و إسقاطها، ثم تمكن من القضاء على دولة بني مدرار و دولة بني رستم كذلك ليدين له حكم منطقة المغرب الأوسط بالكامل، ثم كيف تحالف مع عبيد الله المهدي و خلصه من سجون العباسيين و أشاع في الناس أنه المهدي المنتظر ما ساعد على إلتفاف الناس حوله قبل أن ينقلب عليه الأخير و يؤسس دولته التي أسماها بالفاطمية نسبة للسيدة فاطمة الزهراء –رضي الله عنها- و التي يسميها الكاتب الدولة العبيدية نسبة له.

    و يهتم الكاتب بنفي نسب عبيد الله للسيدة فاطمة الزهراء –رضي الله عنها- و يورد آراء المؤرخين الذين مالوا لإنكار هذا النسب أو التشكيك فيه، بل و إنه يجنح للرأي القائل بأنه من أصل يهودي من طرف جده الأكبر لوالده ميمون القداح.

    ثم يعرج الكاتب على قضية المهدي المنتظر في مذهب أهل السنة و الجماعة و أهم الفروق في الإعتقاد بينهم و بين الشيعة في هذه القضية، نظرا لما كان لهذه النقطة من دور في إلتفاف بعض قبائل المغرب كمصاميد و كتامة حول عبيد الله إعتقادا بما أشاعه بأنه المهدي المنتظر.

    فيسرد الكاتب الأحاديث النبوية التي تواترت عن قضية المهدي و يبين إسمه و صفته بناء عليها ليفند مزاعم عبيد الله، كما يهتم بالرد على المنكرين أو المشككين في قضية المهدي من أهل السنة كابن خلدون و محمد رشيد رضا و محمد فريد وجدي و أحمد أمين، و يفند الحجج التي أوردوها في هذا المجال.

    ثم ينتقل الكاتب لبيان أوجه المقاومة المبكرة التي واحهها عبيد الله و خلفاؤه من بعده في الشمال الأفريقي، بداية من ثورة قبيلة هوارة في طرابلس ثم ثورة أهل برقة، و كيف قام عبيد الله بإخماد هذه الثورات بمنتهى القسوة و الوحشية، و صولا لثورة أبي يزيد الخارجي النكاري –من الخوارج- الذي تحالف معه و أيده أهل السنة و علمائهم في مواجهة عبيد الله، من منطلق إختيار أخف الضررين، رغم أن الكاتب نفسه أورد كيف كان أبي يزيد هذا لا يقل عن عبيد الله و حشية و فسقا و كراهية لمذهب أهل السنة عن عبيد الله، و قد تم القضاء على هذه الثورة التي إمتدت لأربعة عشر عاما علي يد الخليفة الثالث للدولة الفاطمية/العبيدية المنصور بنصر الله أبو الطاهر إسماعيل بن القائم المهدي، و الذي يذكر الكاتب طرفا من فضائله و ثناء علماء أهل عصره عليه لكنه لا يستطرد و ينتقل سريعا إلى المعز لدين الله الخليفة الرابع و الذي توسعت الدولة الفاطمية في عهده فضمت مصر و الشام حتى وصلت إلى الحجاز، فكانت حدودها من سبتة بالمغرب إلى مكة بالمشرق، و إنتقل المعز إلى مصر و جعلها مقرا لخلافة دولته بعدما أسند ولاية شمال إفريقيا إلى الأمير الصنهاجي بلكين إبن زيري.

    ثم يخصص الكاتب فصلا لتفصيل الجرائم التي إرتكبها العبيديون فى الشمال الإفريقي التي لا يتسع المقام لذكرها و يركز على إضطهادهم لأهل السنة و علمائهم، و يخصص فصلا آخر لدور علماء أهل السنة في الشمال الإفريقي في مقاومة المد الشيعي/الرافضي عن طريق الفتاوي و الخطب و المناظرات، و لا يغفل كذلك دور الشعراء من أهل السنة فى هذه المقاومة مثال الشاعر أبو القاسم الفزاري في مواجهة الشعراء المنحازون للجانب الآخر مثل إبن هانيء الأندلسي صاحب قصيدة الشركية الشهيرة التي مطلعها (ما شئت لا ما شاءت الأقدار ... فاحكم فأنت الواحد القهار ... إلخ) .

    ثم يبتعد الكاتب عن مقر الخلافة الجديد للدولة الفاطمية/ العبيدية في مصر، و يبقى في المغرب ليتابع الدولة الصنهاجية التي قامت هناك على يد بلكين بن زيري –من البرابرة- الذي ولاه المعز على هذه المنطقة فكان ولاؤه له و أبناؤه المنصور ثم باديس من بعده، قبل أن يتغير الحال على يد خليفته المعز بن باديس الصنهاجي و الذي كان قد تلقى تعليمه على يد العالم السني المالكي المذهب أبو الحسن الزجال، فنشأ على عقيدة أهل السنة و أبغض المذهب الشبعي/الرافضي، و هو ما جعله عندما تولى الحكم يتمرد على دولة الخلافة العبيدية/ الفاطمية و ينشق عنها و يبايع الخليفة العباسي، و حمل لواء مقاومة الدولة العبيدية/ الفاطمية و المد الشيعي/ الرافضي في الشمال الإفريقي،فجعل المذهب المالكي هو المذهب الرسمي لدولته، وأوقف سب الشيخين أبي بكر و عمر –رضي الله عنهما- على المنابر و أمر بقتل من يفعل ذلك، كما قضى على كل المذاهب المخالفة لمذهب أهل السنة كالصفرية و النكارية و المعتزلة و الإباضية، و قرب العلماء من أهل السنة إليه و أسند لهم تصحيح عقيدة الناس في هذه البلاد، كما نجح في مد نفوذ دولته إلى برقة ثم طرابلس.

    و كوسيلة لمواجهة هذا التهديد لدولته قرر الخليفة المستنصر الدفع بالقبائل العربية كبني سليم و بني هلال و غيرها، و هي قبائل شديدة البأس سنية المذهب و لكنها كانت موالية للدولة الفاطمية بعدما إستقدمهم الخليفة الفاطمي العزيز بالله إلى مصر من الجزيرة العربية و قربهم بالمنح و العطايا أثناء صراعه مع الدولة العباسية، فدارت معارك طاحنة كثر فيها القتل بين هذه القبائل العربية و بين الدولة الصنهاجية بقيادة المعز بن باديس و أتباعه من البرابرة، و خسرت الدولة الصنهاجية في هذه الحرب الكثير من الأراضي التي كانت بسطت نفوذها عليها كطرابلس و برقة، حتى تمكن تميم بن المعز بن باديس –ثاني أمراء الدولة الصنهاجية- من إستمالة زعماء العرب بالمال و العطايا و المصاهرة و ضمهم إلى جيوشه، فأنهى المقاومة المسلحة من قبلهم لدولته و تمكن من إسترداد جزء من الأراضي التي خسرها والده في هذه الحرب.

    و يمضي الكاتب في عد مناقب الأمير تميم بن المعز الذي إستمرت ولايته ستة و أربعون سنة، ثم خلف من بعده إبنه يحيى ثم إبنه علي وصولا إلى ولاية الحسن بن علي بن يحي بن تميم بن المعز الذي شهدت ولايته سقوط الدولة الصنهاجية، التي يعدد الكاتب أسبابها من العجز عن توحيد دول الشمال الأفريقي تحت قيادتهم، و الإنقسام داخل العائلة الزيرية الحاكمة الذي أدى لظهور الدولة الحمادية في المغرب الأوسط، و الصراع المسلح مع القبائل العربية الذي أنهك الدولة، و هجمات الصليبيين القادمة من البحر الأبيض التي تكللت أخيرا بسقوط المهدية عاصمة الدولة الصنهاجية فكانت نهاية هذه الدولة عام 543 هجرية بعدما إستمر حكمها في هذه المنطقة حوالى 180 عاما.

    و ينتقل الكاتب بعد ذلك مباشرة إلى سقوط الدولة العبيدية/ الفاطمية معددا أسباب ذلك السقوط و منها مقاومة المغاربة العتيدة التي دفعتهم لنقل مقر حكمهم إلى مصر، و إنفصال المعز بن باديس بالمغرب عن دولتهم، و صراعهم مع حلفائهم السابقين من القرامطة في الشام، و رفض المصريين للمذهب الشيعي/الرافضي، تماسك الدولة العباسية في عهد الخليفة القادر بالله و قضائها على الطوائف المخالفة كالمعتزلة و الرافضة و الإسماعيلية، إستعانتهم بالصليبيين لمواجهة تقدم السلاجقة في الشام و غدر الصليبيين بهم و تخليهم عنهم بعد ذلك، و يمضي الكاتب ليبين نشأة دولة السلاجقة السنيون في خراسان و قضائهم على الدولة البويهية الشيعية و إمتداد نفوذهم إلى عاصمة الخلافة العباسية، و كيف إستطاعوا في عهد زعيم السلاجقة ألب أرسلان دحر الصليبيين ثم تخليص الشام و مكة من حكم الدولة الفاطمية/العبيدية و إرجاعهم للخلافة العباسية، و يذكر من وزراء السلاجقة الوزير نظام الملك الحسن بن علي الذي إهتم بإنشاء المدارس السنية للطلاب و نشرها في شتى أنحاء العالم الإسلامي حتى وصلت إلى مصر و هي تحت ولاية الفاطميين للوقوف في وجه مد المذهب الشيعي، كما يذكر قيام أمراء السلاجقة بشن حملات متتابعة على كل حلفاء و أنصار الدولة العبيدية/ الفاطمية و مذهبها الإسماعيلي/ الباطني، و منها حملاتهم على بلاد ماوراء النهر و أصبهان للقضاء على أتباع الطائفة الإسماعيلية و دعاتها، و تمكنهم من القضاء على حسن الصباح صاحب قلعة ألموت بعد سيطرته عليها لمدة ستة و عشرون عاما إتخذها فيها مركزا لهجماته التي كبدت الدولة العباسية خسائر جمة.

    ثم ينتقل الكاتب إلى العامل الحاسم في القضاء على الدولة العبيدية/ الفاطمية و هو قيام الدولة الزنكية على يد مؤسسها الأمير عماد الدين زنكي الذي وحد مدن الجزيرة و الموصل ثم إنطلق إلى جهاد الصليبيين في الجزيرة و الشام و إستطاع هزيمتهم و إستعادة بعض المدن منهم كحلب و الرها، و أخلى الجزيرة العربية منهم، قبل أن يقتل و يتولى بعده إبنه الأمير نور الدين محمود الذي يفرد له الكاتب فصلا يعدد فيه مناقبه و إنجازاته، من عدله و تقواه و حكمته وزهده و حسن إختياره لولاته و تقبله للنقد و النصيحة و تقريبه لأهل العلم و بنائه للمدارس، و كيف تمكن من توحيد الشام تحت حكمه بعد طرد الصليبيين منه، ثم إرساله الفقهاء و الوعاظ السنيين إلى مصر لتهيئة الرأي العام فيها لقدومه، ثم إستغلاله للخلاف الذي دب بين حكام مصر و إستجابته لدعوة الوزير شاور للإستعانة به فيما إستعان القائد ضرغام بن ثعلبة بالصليبيين، فأرسل نور الدين محمود قائده أسد الدين شيركوه إلى مصر و إستطاع إحكام سيطرته عليها حتى توفي و خلفه إبن أخيه صلاح الدين الأيوبي.

    و يفرد الكاتب فصلا لصلاح الدين يبين فيه أولا كيف إستطاع بعدما إستتب الأمر له القضاء على الدولة العبيدية/ الفاطمية في مصر و إجتثاثها من جذورها بعدما حكمت حوالي 280 سنة، و كيف تمكن من القضاء على الفتن و وحد الشام و مصر تحت قيادته بعد وفاة نور الدين محمود، ثم إنتقاله لجهاد الصليبيين و إخراجهم من بيت المقدس، و سرد مكارمه في القتال التي شهد بها أعدائه مقارنة بخسة الصليبيين، ثم يمضي في بيان نشأة صلاح الدين و أثر القاضي الفاضل محيي الدين في بناء شخصيته العظيمة، و وصف فترة حكمه الرشيدة و الأسس التي قامت عليها ، إنتهاء بوفاته و ذكر المراثي التي قيلت فيه من معاصريه الذين إجتمعوا على عظمة شخصيته و صعوبة تكرارها.

    ثم يختم الكاتب بتلخيص نتائج بحثه في هذا الكتاب، و كيف يمكن الإستفادة منها في عصرنا الحالي.

    كان هذا عرضا أمينا و مختصرا قدر الإمكان لما جاء في هذا الكتاب، و يبقى تحليل أهم النقاط الإيجابية و السلبية فيه من وجهة نظري، و أبدأ بالإيجابيات وهي:

    - الكتاب دسم لأقصى درجة و يتناول مواضيع كثيرة و مهمة يمتد تأثير بعضها حتى وقتنا الحالي، وهو ما يجعله مستحقا للقراءة بالتأكيد.

    - تعدد المواضيع التي تناولها الكاتب و نجاحه في الربط بينها بسلاسة، و رغم تبديله للترتيب الزمني للأحداث في بعض الأحيان إلا أنه نجح في توصيل الفكرة و عدم تشتيت القاريء.

    - خلو الكتاب من الحشو و بواعث الملل، فرغم كثرة المواضيع و طول الفترة الزمنية التي تناولها لم يزد حجم الكتاب عن 170 صفحة.

    - أسلوب الكاتب السلس ساعد على توصيل أفكاره للقاريء بسهولة و وضوح.

    - تسليطه الضوء على بعض النماذج المشرقة في التاريخ الإسلامي، كنموذج الأمير نور الدين محمود زنكي الذي لم أكن ملما من قبل بتفاصيل شخصيته العظيمة و دوره التاريخي المهم، و تجربته التي تستحق الإحتذاء في الحكم.

    أما السلبيات من وجهة نظري فهي:

    - الكاتب يتبنى موقفا معاديا للدولة الفاطمية على طول الخط، و هو واضح في هذا منذ البداية، و هو ما لا يمثل لي مشكلة في حد ذاته، فأنا شخصيا أتبنى موقفا سلبيا من هذه الدولة ، و أرى أن من أكبر إنجازات صلاح الدين أثرا و أبقاها –بالنسبة لي كمصري على الأقل- هو إزالتها و إعادة مصر إلى مذهب أهل السنة و الجماعة، لكن مشكلتي تتمثل في تركيز الكاتب على أعداء هذه الدولة أكثر من الدولة نفسها، و هو ما لم يشبع فضولي لمعرفة أحوال هذه الدولة و حكامها و إنجازاتها بحسنها و قبيحها، حتى أتمكن من تكوين رأي شامل عنها و أستطيع الحكم عليها بموضوعية.

    - ليس معنى أن الكاتب يتبنى هذا الموقف المعادي للدولة الفاطمية و للشيعة أو حتى للصليبيين، ألا يرد ذكرهم في الكتاب إلا مصحوبا بألفاظ مثل الأوغاد أو الزنادقة أو الحاقدين أو الملاحدة أو الخبثاء أو الملاعين، فلا ضرورة لهذا لإثبات وجهة نظره و إنما كان يكفيه سرد مواقفهم الشائنة، بدلا من هذا التدني اللفظي الذي كان مزعجا بالنسبة لي على الأقل.

    - نزوع الكاتب دوما لتبني أشد الآراء تطرفا و قدحا في الدولة الفاطمية و الشيعة لإثبات وجهة نظره حتى و لو لم تكن الأقوى سندا أو منطقا، و رفضه في المقابل لأي رأي ممكن أن يكون إيجابيا في حقهم بدرجة ما، المثال الأول يتجلى في ما ذكره عن فظائع الخليفة الفاطمي الثاني القائم بأمر الله و بعضها مما يجافي المنطق كحرقه للمساجد و المصاحف و سبه لله و للنبي و هو ما لا يستقيم عقلا حتى لو كان كافرا من باب السياسة التي دفعته لأن يتسمى بالقائم بأمر الله على الأقل، و المثال الثاني يتجلى في حديثه عن الخليفة الفاطمي الثالث المنصور بنصر الله الذي يذكر قول الذهبي عنه "و كان بطلا شجاعا، رابط الجأش، فصيحا مفوها يرتجل الخطب، و فيه إسلام في الجملة وعقل بخلاف أبيه الزنديق" ثم يعقب هو "قلت: و قول الذهبي: و فيه إسلام في الجملة فيه نظر" !

    - إزدواجية المعايير لدى الكاتب و إختلالها في بعض الأحيان، فالإزدواجية تتبدى مثلا في أن أكبر مآخذه على الدولة الفاطمية و حكامها كانت إضطهادهم لأهل السنة و علمائهم و التنكيل بهم، في حين يذكر أن المدارس السنية أقيمت في مصر في عهدها، و في سياق آخر يورد قضاء الخليفة العباسي القادر بالله على كل الطوائف المخالفة كالمعتزلة و الشيعة كأمر مستحسن.

    أما إختلال المعايير فيتبدى أوضح ما يكون في مثالين، أولهما ما يذكره أن من محاسن الخليفة الفاطمي المنصور بنصر الله أنه ولى محمد إبن أبي المنظور الأنصاري قضاء القيروان و أنه كان من كبار أصحاب الحديث، ثم يورد عنه هذه الواقعة (أحضر إليه يهودي قد سب فبطحه، و ضربه إلى أن مات تحت الضرب لعلمه أنه لو رفع إلى المنصور لا يقتله فضربه القاضي مظهرا ضرب الأدب حتى قتله) و هو ما يذكره للتدليل على عدله و حكمته !!

    و المثال الثاني ما يذكره في سياق تعديده لمناقب الأمير تميم بن المعز بن باديس الصنهاجي، فيورد عنه قول إبن الأثير:

    (كان شهما شجاعا، ذكيا و له معرفة حسنة، و كان حليما كثير العفو عن الجرائم العظيمة، و له شعر حسن، فمنه أنه وقعت حرب بين طائفتين من العرب، و هم عدي، و رياح، فقتل رجل من رياح، ثم إصطلحوا و أهدروا دمه، و كان في صلحهم ما يضر به و ببلاده، فقال أبياتا يحرض على الطلب بدمه، وهي:

    متى كانت دماؤكم تطلُ ... أما فيكم بثأر مستقلٌ

    أغانم ثم سالم إن فشلتم ... فما كانت أوائلكم تذلٌ

    و نمتم عن طلاب الثأر حتى ... كأن العز فيكم مضمحلٌ

    و ما كسرتم فيه العوالي ... و لا بيض تفل و لا تُسلُ

    فعمد إخوة المقتول فقتلوا أميرا من عدي، و إشتد بينهم القتل و كثرت القتلى، حتى أخرجوا بني عدي من إفريقية.)

    قد أتقيل أن تكون واقعة الفتنة هذه مديحا في حنكة الرجل السياسية رغم خستها، لكن أن يمتدحها من كان معيار تقييمه للشخصيات منذ بداية كتابه على أساس الإيمان و التقوي، فهذا إختلال في المعايير لا لبس فيه!

    - إنحياز الكاتب الواضح لأهل الشمال الإفريقي -الشمال الغربي تحديدا- الذين أهدى لهم كتابه وعنونه من الداخل "صفحات من التاريخ الإسلامي في الشمال الإفريقي"، و هو يستثني مصر من هذا الشمال المستحق للمديح فيقول (إن أهالي الشمال الإفريقي طويلو النفس لا يرضون بغير منهج أهل السنة و لهم إستعداد أن يقدموا الغالي و الرخيص في سبيل هذه العقيدة الصحيحة، لذلك إضطر خلفاء العبيديين أن يفكروا في الإنتقال إلى مصرو التخلص من الثورات و الإضطرابات) ثم يناقض كلامه في موضع آخر فيقول في أسباب سقوط الدولة العبيدية (رفض المصريين للمذهب العبيدي الباطني و العمل الجاد من قبل العلماء و الفقهاء و أبناء الشعب المصري في نخر الدولة العبيدية الباطنية) !!

    - حاولت كثيرا أن أتناسى إنتماء الكاتب السياسي و أنا أقرأ، إلا أنه لم يدع لي فرصة، فلم يفتأ يذكر بين الحين و الآخر كلاما على غرار ما قاله في مديح الدولة الزنكية: (أجادت الجولة الزنكية فى إقامة شبكات أمنية على مستوى أملاكها تتبع كل التنظيمات البدعية التي تعمل على إسقاط الدولة الزنكية الفتية، فكانت الدولة الزنكية تهتم بتتبع أقليات النصارى في ديارهم، و خنق أتباع العبيديين، و جعلهم تحت أعين الدولة، و لذلك فإن الحركات الإسلامية السنية التي تسعى للوصول للحكم من أجل تحكيم شرع الله عليها أن تهتم بمكاتبها الأمنية و تطورها بما يليق بمستوى المرحلة التي تمر بها حتى تستطيع أن تحجم دور الجيوب الداخلية في الأمة "تنظيمات بدعية أو علمانية أو نصرانية أو يهودية" و إتقان هذا الجانب من أهم أسباب التمكين) ولا تعليق!

    تبقى المزية الأكبر لهذا الكتاب بالنسبة لي أنه فتح شهيتي للقراءة في كثير من المواضيع التي تم تناولها فيها من وجهة نظر واحدة –حتى و إن كنت أميل للإتفاق معه في الكثير منها- إلا أنه جعلني أكثر رغبة للإحاطة بها من جميع الجوانب، حتى أتمكن من تكوين رأي موضوعي بشأنها، و إن كان هذا الكتاب باكورة قراءاتي للصلابي فإنه لن يكون آخرها بإذن الله، لكن بكثير من الحذر!

    و ختاما أتمنى أن تكون هذه المراجعة مفيدة لمن يقرأها، و على الله قصد السبيل.

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    11 تعليقات
  • لا يوجد صوره
    3

    يعطي الكتاب صورة موجزة عن تاريخ الدولة العبيدية في شمال افريقيا باسلوب منظم ولغة سلسة كما عودنا علي محمد الصلابي في كتاباته

    الا ان لي بعض الملاحظات على الكتاب بداية بالعنوان كان الاجدر به ان لا يعنون كتابه بالدولة الفاطمية لانه لم يتطرق لتاريخها بمصر الدي يعد اهم مرحلة في تاريخ هده الدولة كما ان اكثرية المؤرخين يؤكدون على ان تسمية الدولة العبيدية كان خاص بالشمال الافريقي اما عند انتقالها فاصبحت تسمى بالدولة الفاطمية

    وبما انه تطرق للدولة العبيدية بشمال افريقيا كان الاجدر به ان يسمي كتابه الدولة العبيدية بدلا من الدولة الفاطمية

    كما انه اقحم بالكتاب باخر جزء ترجمة لقائدين عظيمتين انهيا الدولة الفاطمية هما نورالدين محمود وصلاح الدين الايوبي كان يمكنه ان يذكرهما باختصار ولا داعي لكل ذلك التفصيل فيهما لان الكتاب كما سبق وان ذكرت موضوعه الدولة العبيدية في شمال افريقيا و الفضل يعود في اقصاء هذه الدولة من بلاد المغرب العربي البطل معز بن باديس الصنهاجي

    في المجمل هو كتاب مفيد لما يحويه من معلومات قيمة فيما يخص الشيعة وفرقهم استفدته منه كثيرا

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
المؤلف
كل المؤلفون