الباذنجانة الزرقاء > مراجعات رواية الباذنجانة الزرقاء
مراجعات رواية الباذنجانة الزرقاء
ماذا كان رأي القرّاء برواية الباذنجانة الزرقاء؟ اقرأ مراجعات الرواية أو أضف مراجعتك الخاصة.
الباذنجانة الزرقاء
مراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
سارة الليثي
رواية الباذنجانة الزرقاء هي من بواكير أعمال الكاتبة ميرال الطحاوي والتي نالت عنها جائزة الدولة التشجيعية في الأدب لعام 2002 م، وهي لا تزال في العشرينيات من عمرها؛ لتكون أول كاتبة (أنثى) تنال هذه الجائزة، وهي أول عمل أقرأه لها، وإن كنت حضرت عدة ندوات سابقة حاضرت هي فيها سواء عن أعمالها الشخصية أو عن أعمال أدبية لكبار أدباء مصر الراحلين خاصة وأنها أستاذ أكاديمي للأدب العربي، انتقلت من أروقة جامعة القاهرة العريقة إلى أروقة جامعات الولايات المتحدة الأمريكية.
أجواء رواية الباذنجانة الزرقاء:
تأخذنا الكاتبة ميرال الطحاوي في روايتها إلى رحلة في عالم فتاة مصرية من جيل السبعينيات (مولداً)؛ لتجسد من خلالها هموم ومشاعر وتخبطات وانكسارات عاشها هذا الجيل بأكمله، ما بين معاناة الأنثى من كونها أنثى في مجتمع يُعلي من قيمة الذكر في المقام الأول، ولا يرى في جرائمه عيباً، بينما ينصب المشانق لأي خطأ صغير قد يصدر من أي أنثى فقط لأنها أنثى وليست ذكراً؛ فليس مسموحاً لها بأي هامش للخطأ، مما يجعلها دوماً تنكفئ على ذاتها محاولة منها لتجنب أي خطأ.
فالطريقة الوحيدة الأسلم دوماً لتجنب الأخطاء، هي أن تكون غير مرئي من الأساس، وبالتالي لن يستطيع أحد أن يرى أخطاء أو يعد أنفاس كائن غير مرئي، ولكن هذا وإن كان الأسلم للهروب من أحكام المجتمع، إلا إنه يثقل كاهل من تتمثله في حياتها، خاصة لو كانت تحمل بين جنباتها روح حرة تأبى القيود وتتطلع دوماً للانطلاق، لن تصبر كثيراً على الأمر، وسيأتي يوم عليها تنفجر فيه كل طاقاتها وتعود إلى ذاتها التي كبحتها طويلاً، وقد تتخبط في الطريق حتى تصل إليها وتتعرف عليها وتتصالح معها.
وهذا ما حدث مع ندى بطلة رواية الباذنجانة الزرقاء إذ أنها بدأت حياتها طفلة مرحة منطلقة لا تعبأ بشيء، وما لبثت أن كبرت شيئاً فشيئاً ليكبل المجتمع روحها بالعديد من القيود التي لا حصر لها؛ فتتخبط بين أفكار وأيدولوجيات وانتماءات لا حصر لها، لا تعرف في أيهم صلاحها، ما بين اليسار واليمين، ما بين الحجاب وخلع الحجاب، ما بين التحفظ والانحلال، وفي رأيي أن صفاء لم تكن إلا الوجه الآخر لندى الذي أرادت أن تخلع ذاتها بعضاً من الوقت لتكونه.
شخصية صفاء هي الشخصية الوحيدة التي تناوبت السرد مع ندى في رواية الباذنجانة الزرقاء؛ فقد اختارت الكاتبة ميرال الطحاوي أن يكون القص بلسان الذات الساردة، وقد أتت جل الرواية على لسان ندى سواء كونها تصف الأحداث وقت وقوعها أو تحكيها بعد أن وقعت أو وكأنها تخبر نفسها بأحداث مستقبلية ستقع، فقط المشاهد التي كانت بين صفاء وذاك الفتى الذي أحباه معاً هي التي أتت على لسان صفاء، تلك الفتاة التي شاركتها سريرها في السكن الجامعي ولبست ملابسها الداخلية والخارجية على حد سواء!
حسناً لا أظن أن السكن الجامعي يمنح طالبتين معاً سريراً واحداً، وهذا يقوي من ظني في كون صفاء ما هي إلا ندى في شخصية اختلقتها من مخيلتها؛ لتبرر لنفسها أنها لو كانت بتلك الجرأة؛ لوقع لها ما وقع لصفاء في خيالها، ولأنتهى الأمر في النهاية بلفظه لها خاسرة لكل شيء، وأن حيائها وانطوائيتها والتزامها هم من حموها من ذاك المصير، وهي وإن حاولت التحرر منهم بعد فترة حين نضجت ومر عليها العمر، كان تحررها إذ ذاك عقلانياً لم يدفعها إلى الانحلال الأخلاقي، وأن تسير في درب خال من القيم.
الذاتية في عمل الكاتبة ميرال الطحاوي:
حين بدأت قراءة رواية الباذنجانة الزرقاء لم أكن أعرف شيئاً عن حياة أو سيرة كاتبتها الشخصية، ولكن لدي عادة بعد قراءة أي عمل جديد (عليّ وليس جديداً في المطلق) لكاتب لم أقرأ له من قبل ولا أعرفه، أن أبحث عنه بعد الانتهاء من القراءة، وحين فعلت ذلك اكتشفت أن الكثير مما عاشته ندى هو جزء فعلي من حياة الكاتبة ميرال الطحاوي أيضاً؛ فقد مرت بمراحل مشابهة كثيرة لما مرت به ندى، ليس تطابقاً وهي ليست سيرة ذاتية حرفية.
ولكن حياة ندى فيها الكثير من حياة الكاتبة ميرال الطحاوي، وخلال قراءتي للمزيد من المقالات والحوارات عنها ولها اكتشفت أيضاً أنها موجودة بشكل أو بآخر في كل أعمالها وليس فقط رواية الباذنجانة الزرقاء، وأنها تقتبس من حياتها الشخصية في أعمالها الأدبية، وكان هذا سبباً في هجوم بعض القراء والنقاد واعتراضهم على ما تكتب، متعللين بأن على الكاتب أن يحدثنا عن عوالم جديدة لا نعرفها وقضايا مختلفة لم نسبر أغوارها بعد ولم نسمع عنها شيء من قبل، ويكفينا اجترار لنفس القضايا والأمور التي نتحدث عنها دوماً.
والحقيقة وإن كان هذا أمر من الجيد تواجده في الأدب، ولكن الأدب في أصله قائماً على التجربة الذاتية، الشعراء (عرب كانوا أم غيرهم) حين قالوا شعرهم كان ينبع من ذواتهم، كان معبراً عن تجاربهم الشخصية، ومن شخصيتها وذاتيتها انطلقت وتماست مع كل من سمعها أو قرأها؛ لأنه رأى نفسه فيها، ومنذ عامين تقريباً حصلت آني أرنو على جائزة نوبل في الأدب عن إسهاماتها الأدبية عن طريق غوصها في "الذاكرة الشخصية"، وهي ذاكرتها هي حرفياً؛ فهي لا تتناول شيئاً في أعمالها إلا ذكرياتها وحياتها الشخصية.
ولكننا ها هنا في عالمنا العربي ومصر بالتحديد لا نبرع في شيء قدر براعتنا في تحطيم أنفسنا، نرى في التعبير عن الذات فضيحة، وأننا حين نكتب لا بد أن نكتب عن الآخرين وعن أشياء بعيدة كل البعد عنا، لا عن ذواتنا، وأن براعتنا الأدبية تتمثل في قدرتنا على الكتابة عن أشياء مجهولة لا يعرفها أحد ولم نختبرها من قبل وربما لن نختبرها أبداً، وبهذه الطريقة نستطيع أن نثبت أننا لم تأت بنا ولادة من قبل!
ولا داعي لتصديع رؤوسنا ببكائيات النساء وعالمهن المقهور؛ فليعيشوا ويموتوا قهراً هذا أمر لا يخصنا، وإنما إن أرادوا أن يثبتوا براعتهن؛ فليتنصلوا لذواتهن ويكتبوا عما يكتب عنه الرجال وعن وعوالم الرجال لا عوالمهن الخاصة، ولا مشاعرهن الخاصة كما فعلت الكاتبة ميرال الطحاوي في رواية الباذنجانة الزرقاء!
#الباذنجانة_الزرقاء للكاتبة #ميرال_الطحاوي
#جولة_في_الكتب #روايات
#مقالات #سارة_الليثي
اقتباسات من الرواية:
مرق أول رجل في حياتها يلهث بين الأروقة ويستبدل مجلة حائط بأخرى ويدقدق مع الطلبة على البنش، ويردد مقاطع من أغاني يصعب حفظها، تتحدث دائماً عن سجون وحمائم ونسائم وبشائر والغلابة الشقيانين، تحاول كل يوم أن تتغلب على مخاوفها، ستفتح عينيها بثقة.. ستمد يدها لتمسك بيده، ولن تخاف، سترفع وجهها ليرى كم هو جميل، وبلا خجل ستحكي له عن أبيها، كان مناضلاً ويتحدث مثله عن الفساد والإحباط.. وستقول له إنه مات، بالجلطة، ربما يربت على كتفها مثلاً، حينئذ ستحكي له عن خدوش وجهها وهي تعرف أن عينيها تبرقان بحزن كل انكسارتها. ربما يرفع وجهها بين يديه ويقول لها وهما يركضان على الطوار "أنا أحبك".
لكنه كان يتحرك بسرعة، يروح ويجيء، ولم يمهلها وقتاً كي تقول شيئاً، فقط تذكر بعد أعوام طويلة.. أنها كانت موجودة دائماً، فقال لها: أنت نقية جداً، وأن هذا شيء بالغ الندرة وفي المجمل هي بنت محترمة.. أربعة أعوام لم يشعر بها أحد، تنبش في دواخلها، "مهذبة ورقيقة"، تمارس قمع أحلامها بانتظام، وتعود عينيها تلك الإنحناءات التي تواجه بها الحياة، وديعة كما تمنوا لها، وتحادث نفسها بانتظام عن أخطائها، ونسيت كيف يكون الكلام من طول صمتها، ولا ترى بين المدرجات سوى سهم طولي يشير إلى المسجد، تبكي وتضم شعرها في ضفيرة، تطيل غطاء رأسها كل يوم كي لا يرى منها أي تفاصيل،... متعففة عن السلام والكلام.
...............
............... ............... ........ تمدين يدك، يدك القلقة التي كانت تمسك بشدة في عنق أبيك خوفاً من مفارقته، أصابعك المتوترة التي كانت تستدفئ بأيدي صويحباتك بالدرج، بردك الذي دسسته في القفاز متعففة عن السلام والكلام والتلامس، أياً كان صفته، تبحثين بين الخطوط عن اسمك المحفور بين التعاريج في كفه، تسألين وتجيبك، تضمك وتضمدك، وتمسح عن قلبك كل هواجسه، وتسقط الحروف المنطوقة والمكتوبة والمحفورة في الذاكرة وتبتسمين في بلاهة، ولا تحاولين اصطناع أي مبرر لاندفاعك، ثم تستقبلين كل صباح بصوته، أين تخبئين أرقك؟! كيف تغافلينها لتسرقي حقك في الحياة. صوت العصفورة وهي تنقر الزجاج تغازل نعاسك، استيقظي، سيمر الآن صوته، بين النعاس والأرق، تتأملين وجهك، تجلسين على حافة الفراش قلقة، افتحي صدرك قليلاً، تأملي عنقك، مدي يدك وتحسسي مفرق صدرك وتثائبي حتى يرن الهاتف. تركضين كفارة ثم تتقمصك روح طفلة تتعلم المشي، تُثأثئين بكلام غير مفهوم، تنسين كل الذي أعددناه سوياً. يسألك: "نائمة؟! تثأثئن: نعم".. يا غبية قولي له إنك لم تنامي أبداً.
يكمل: "صوتك جميل".
تضحكين قليلاً.. "صوت ضحكتك أجمل"، يقول.
يتسارع نبض قلبك، كنت كبيرة وأنت تنظرين في المرآة وتحت عينيك التجاعيد، وفي مفرق صدرك قطعة ثلج، طفلة أنت الآن غارقة في الصمت، ألطم خدودي وأقول لك إنه يغازلك، يغازلك، انطقي!.
تحتضنين الهاتف وتقرفصين على الأرض أمام فراشك وتواصلين حكاياتك الخرافية.
ويتم اختزال سنوات عمرك أكثر وتراوغين مكملة باتجاه آخر،... يتنهد، تسمعين حركته في فراشه. ربما يدس وجهه بالأغطية مثلك، لو فتحت أمك الباب عليك الآن فستعرف من احمرار وجهك أنك تكلمين حبيباً ما، ستغلق الباب بإشفاق لارتباكك، وتزدادين ارتباكاً لو تثاءب، ستدركين أنه يتمنى لو يضمك الآن وأن تغلقي الهاتف، وأن تختبئي تحت الأغطية نفسها التي يخبئ بها أنفاس تثاؤبه، تصمتين قليلاً، هذا الصمت وصلكما الوحيد، حين تفاجئين بأصابعك تنحدر من تحسس الندبة التي أسفل شفتك، مارة برقبتك إلى مفرق صدرك ستضمين ياقة القميص وتغلقين أزراره حول عنقك وتواصلين..
تدخل أمك حاملة سجادة صلاتها، يقبلك ويقول لك:
"سأحدثك في المساء"، تقرفصين في فراشك وتخبئين وجهك بالأغطية منتظرة هذا المساء.
...............
............... ............... . مشنقة كبيرة تسميها براءة، اتضح لك في النهاية أنها تعني أن قلبك سيظل منهوباً كأرض مستباحة، ...، لم تكوني تعرفين أنك سقطت في وهم هذه البراءة إلا حين سمعت سخريته، "أنت ساذجة أم غبية؟!"... هل تعتقدين أن بإمكانه أن يصدق ما تدعين من براءة؟!.. أنت حمقاء بالتأكيد.
كان يقصد أن يقول إن ما رأيته طول عمرك قيمة كبيرة مجرد وهم سخيف، ولم يفهم بعد ذلك أي شروح تفصيلية، لأنه حين آمن بذلك، تأكد أنك غير طبيعية بالمرة. أنت مجنونة، وللمرة الأولى تشعرين أن هذا اللقب الذي تطلقينه على نفسك كدعابة بين قوسين يؤكد بساطتك في التعبير عن نفسك، مدية حادة تخترق وعيك بذاتك.
...............
............... ........... مستسلمة بدهشة، نصفك يشاهد، ونصفك يعيش، شطران متواجهان، فمك على فمه، ملتصقان بهدوء يفزعك، يؤكد لك أنك بنت مثل كل البنات، لا طيرة ولا كتلة لحم معجون بها ملامح.. يقول وهو يضمك أكثر "كم نحن متشابهان؟!" ذلك أيضاً وتتحسسين قامته بيديك، فقرات ظهره في احتوائك، مستغربة بساطتك، عيناك بعدها لن يكفا عن اللمعان الأثيم الذي يتبع الجرائم، وفمك عن التوق للالتصاق. تضميه أكثر في صحوك ونومك، تهجرين أرجوحتك، وترسمين للملائكة سهاماً وقلوباً متكسرة، معتقدة أنها النهاية التي يكتبونها في الأفلام.
فمك على فمه، ثم صبيان وبنات وثبات ونبات، تختصرين كل الذي لم تعيشيه في فقرة واحدة تبدأ بكلمة "يبدو أنني أحبك".
تنغمينها كالأطفال العابثين ثم تنفقين كل ما ادخرته من أرق وقلق وتدفق وخصام وفرح، وفي ثوب أمك ترقصين أمام المرآة، متحسسة مفرق شعرك باحثة عن ندبة مماثلة، متعجلة كما كنت دوماً، تركضين إلى الهاتف، دافعة يد أمك التي تتفقدك صارخة أنك كبرت بما يكفي، وعليها أن تتركك تعيشين حياتك، تضمك أكثر مشفقة عليك من اندفاعك مرددة كلمات خوفها، وأنت تتحسسين جسدك بالليل دون أن تحسي بضآلة أو خجل، ستشعرين فقط باللهفة، وتضمين يديك إلى تعاريج كفه ناسية كل الأراجيح التي سقطت منها، لا تنامين ولا تستيقظين، بعدها تعدين حقائبك وتخرجين من الثقب الوحيد الذي يمكن أن تنفذ منه فراشة في علبة لها ثقوب.
...............
............. سوف تتذكرينهم جميعاً وأنت تقلبين في ألبوم صورك، أو وأنت تحدثينه عن ضرورة إيجاد غرفة للبيبي لأن البيت أصغر من أحلامك، وأن على كل منكما أن يعيش في غرفة منفصلة، غرفتك ستغضبين فيها منه، إنك تغضبين كثيراً، وعليك أن تجدي مكاناً داخل بيتكما لدفن غضبك بعيداً عن عيني طفلتك، وربما تختلفان على اسمها وانتما تقتسمان أعمال البيت، وعليه أن يصبر قليلاً لأنك لا تعرفين الطبخ، ولا الحياة المرتبة، ولا يهددك بالأخريات، لأنك تتحولين إلى فأرة مذعورة وتتحسسين كل خدوش وجهك بألم، وتنسحبين بعيداً متضائلة داخل حلزون لا نهاية له داخلك.
...............
.............. الفناجين التي نقرأها تقول لي إنه يتأبط ذراعي، ويشتري لي عقداً من الورد الصغير، ويسير بجانبي على ضفة النيل، وربما يقبلني إذا كان نور السلم مطفأ، لكنك دائماً تمسك بالورقة والقلم وتصحح في أشعاري أخطاء كنت أحبها أن تظل أخطاء لأعرف أن قلبك يشاركك القراءة. هل هذا الذي بالفنجان رجل آخر وعليّ أن أتركك تصحح، ربما تتوصل أنك أخطأت ذات يوم في حق قلبي.
-
ahmad elsherief
روايه متوسطة .. اسلوب السرد فيها معقد بعض الشئ و ساعات كتير بيتوه .. بتحكي واقع حصل فعلا في فتره ما بعد الحرب من اضرابات على جميع المستويات بس ينقصها بعض الترتيب للتوضيح و الاسهاب في الوصف :)
-
Tarek Taha
رواية "الباذنجانة الزرقاء" لميرال الطحاوي هي واحدة من تلك الأعمال الأدبية التي تجعلك تفكر: إلى متى سنظل نكرر نفس القضايا بنفس الطريقة؟ ما وجدته في هذه الرواية هو بكائية طويلة عن المرأة الشرقية، كما لو أن القصة محاصرة بين تكرار الفكرة والنمطية في السرد. تلك الفكرة المعتادة عن قمع المرأة والكبت والمجتمع الشرقي والدين وجسد الأنثى. لا شيء جديد يُقدّم، سوى شعور مألوف بالتكرار.
"الذاكرة ليست سوى صندوق مغلق من الشكاوى، والماضي ما هو إلا انعكاس لحياتنا الحزينة." هذا ما شعرت به عند قراءة "الباذنجانة الزرقاء". كانت الرواية تدور في حلقة مفرغة، حيث تجتمع الأفكار نفسها في كل صفحة وكأنها تعيد نفسها دون إضافة قيمة.
الأسلوب السردي للرواية أيضًا كان غائمًا وغير واضح، كأن الكلمات تائهة بين المشاعر دون هدف محدد. ربما كان بإمكاني التسامح مع الفكرة العادية، ولكن الأسلوب المزعج جعلني أشعر بالتعب وأنا أحاول فهم ما يريد الكاتب أن يوصله.
تأمل الرواية في النهاية يدفع القارئ للتساؤل: "هل نستمر في إعادة نفس القصص لمجرد أنها مألوفة؟ أم أننا بحاجة إلى استكشاف مساحات جديدة من الوعي والمعاناة؟" يبدو أن الرواية كانت تبحث عن تعاطف القارئ، ولكنها لم تنجح في تقديم شيء يجعلها تستحق أكثر من مجرد القراءة العابرة.
على الرغم من أنني أقدر المحاولات الأدبية التي تتناول قضايا المرأة، إلا أنني أشعر أن "الباذنجانة الزرقاء" ليست سوى ظل باهت لقضايا تم تناولها بطرق أعمق وأكثر إبداعًا من قبل.
-
أمل لذيذ
كتاب (الباذنجانة الزرقاء) للأديبة ميرال الطحاوي، فيه قصة فتاة بلغ التهميش بها إلى تسميتها ب"ن"، و لم يكن إختيار هذا الحرف عشوائيا أو على سبيل الصدفة، فللحرف مدلول طبقي راقي بحكم إنه يصدر من الأنف كما تصور أهلها ، و بهذا فإن الفتاة قد تم إعدادها لتشق طريقها كالنبيلات و الأميرات ،و إن كانت ملامحها التي ولدت بها شاكست هذه الصورة أغلب الوقت .
ف"نون" تفضفض لنا عما يسعدها و ما يضايقها و ما يشغلها و ما يهمها ،و هي تلجأ لوصف غيرها لها ،هي تعول على كلمات أهلها و صديقاتها و من حولها ،و هي تعبر عن خواطرها،هي تنظر لردات فعلهم من بعد فراغها من أفعالها ، هي تحدق بأقوالهم من بعد إنطفاء أقوالها،هي تترقب معرفة وجهات الرأي التي عندهم حتى قبل أن تكون رأيها ، هي تراهم كالمرآة ، و هي تقف و تجلس أمام هذه المرآة بتمعن معظم ساعاتها ، و تعرض عليها ما يحدث لها من مواقف ،و تحولها إلى حكم في حياتها .
فثقتها بذاتها تهتز للغاية كلما توجهت للمرآة ، و إنعكاسات المرآة تتغير حسب توجهات اليد الممسكة بها ، فعندما تمسك بها أمها و جدتها نلحظ التركيز على العادات و التقاليد ، و عندما تمسك بها يد أبيها نجدها مازحة و هي تقترب منها، و أيضا سارحة في تسويغ عالم التمني لها ،و عندما تمسكها يد معلمها تلسعها و تطبطب عليها قفشات التشجيع و التأنيب ،و عندما تتلاعب بها أيدي صديقاتها نشهد مشاغبات و مفارقات بهدف تارة و بلا هدف تارة أخرى،و هي تغير من مظاهر توجهاتها كلما تغيرت اليد التي تقف وراء المرآة .فسايرت القيم المجتمعية و عارضتها ، و واكبت الحداثة و رفضتها ، ومن ثم أرادت أن تكون متدينة ، تسحرها السياسة لفترة ثم تأنفها ،و بعد ذلك عاودها الحنين لطفولتها ، فهي تفصل بين هذه الأطياف أحيانا و تجمع بينها أحيانا أخرى.
هي رسخت رؤيتها لنفسها ك"باذنجانة زرقاء" ، فهي ترى بإنها دميمة الشكل ،و لا تحسن التصرف ،و ظلت روحها عالقة في هذا النسق الشكلي الذي وضعت فيه ذاتها ،و لكن هنالك حفنة خيال حالم تقتحم خواطرها ، و تكتب ما يراودها من شوق لإن تغدو أميرة، ففي حكايا الصغار تتحول البطلات و في سرعة مذهلة إلى أجمل الأميرات ،و لذلك هي تترقب تلك اللحظة حتى مع تنهدات اليأس المحيطة بها ،هي توجهت لسبل عديدة لنيل مرادها، فبحثت عن فارس ينقذها ، و غطت نفسها بالآمال ، و خزنت ما بها من ألم ، و أطلقت العنان لتجاربها ، فهي و بكل ما فيها من هيام بفكرة أن تكون أميرة، قامت بإحضار علب دهان وفيرة من المحاولات لتطلي بها إزرقاق جسدها و روحها ليعم البياض عالمها .
كتاب (الباذنجانة الزرقاء) للأديبة ميرال الطحاوي، تتحدث فيه أنثى ما عن آثار النفس حينما تنعكس على الجسد ،و علامات الجسد حينما تشكل ما في نفس !
السابق | 1 | التالي |