تحميل الكتاب
اشترك الآن
ملاوة : سيرة بوح الروح
نبذة عن الكتاب
حين داعبني الحنين لأروي مِلاوتي، وأُفكّ طلاسم صمتي، وأسرد ملامحي المنسية، كنت أعي تمامًا أنَّ لكل لحظةٍ فيها نَبْضًا لا يُدْرَكُ كله، ولكن كان جدير بي أن أختار مما جرى ما يثمر قصدًا، ويُجدي أثرًا، ويضيء الطريق للقارئ دون أن أُحِيلَ جميع الخفايا إلى العلن؛ إذ “ليس كل ما يُعاش يُقال”. فبعض التجارب، مهما غرفتُ من نبعها العميق، تبقى عصيّة على البوح، كأنها كتبت بلغة لا تُفكُّ رموزها إلا في أروقة القلب. وما كل ما نعيشه يُروى، إذ ثمة لحظات منسوجة بأنفاسٍ موجوعة، أو نبضات خجولة تشبه وشي الهواء حين يعبر الروح دون أن يُرى. هناك، في عمق الشعور، حكايات وُلدت لتسكننا، مختومة بجمرةٍ لا تخفت، هي تلك الحكايات التي نعيشها بصمت، ونرتجف لها بارتعاشٍ لا يملكه الكلام، لأنها وُجدت لتُحسّ، لا لتُكتب، أو تُحكى؛ بل لتُعاش، اتباعًا لقول أحمد في “حياتي”: لم أذكر كل الحق، ولكني لم أذكر فيه أيضا إلا الحق، فمن الحق ما يرذل قوله وتنبو الأذن عن سماعه، وإذا كنا لا تستسيغ عري كل الجسم، فكيف نستسيغ عري كل النفس؟؛ لأن في الحياء تسكن روحٌ تتوارى عن الضوء، لا خجلاً، بل احتفاظًا بسرّها المصفّى، سرٍّ تنسجه بإرادتها، وتدفنه في الأعماق حيث لا تطاله نظرات العابرين. وربما كان النفور من الانكشاف صلاةً صامتة تُرفع لقداسة الكيان، ذاك الذي لا تدركه العيون، لأنه أعمق وأثمن من أن يُرى؛ إذ “ليس كل ما يُرى يُقال، ولا كل ما يُقال يُمنح.” هناك، في الأعماق، حيث السرّ ينمو كوردة لا تحتاج إلى ضوء النهار، يتجلى الجسدُ بوصفه معبدًا، لا جسدًا، وما الخوف من العري سوى انحناءة الوجدان أمام قدسية لا تطيق الابتذال. وفي هذه الصفحات سيجد القارئ ما خطّه اليراع عن بدايات وعيي بالحياة، عن دهشتي الأولى، وتحدياتي، وخبراتي التي صاغت رؤيتي. ليست هذه المِلاوة كل التجربة، لكنها قدرها الضروري، مرآة صادقة لفرحها وحزنها، تحفظ التوازن بين ما يُكشف وما يُخفى.عن الطبعة
- نشر سنة 2025
- 324 صفحة
- [ردمك 13] 9786145051008
- دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع