انتصار السعادة | The Conquest of Happiness
تأليف
برتراند راسل
(تأليف)
محمد عمارة
(ترجمة)
الحيوانات سعيدة طالما كانت بصحة جيدة ولديها ما يكفيها من الطعام، ورغم أن البشر يجب أيضًا أن يكونوا كذلك، إلا أنهم في عالمنا الحديث ليسوا سعداء، على الأقل في الغالبية من الحالات. فإذا لم تكن سعيدًا، فقد توافقنى على أنك لست الاستثناء في ذلك، أما إذا كنت سعيدًا، فاسأل نفسك كم من أصدقائك هم الآخرون سعداء، وعندما تراجع أحوال أصدقائك، علم نفسك من قراءة الوجوه، واجعل نفسك مستقبلاً لأمزجة أولئك الذين تقابلهم عبر يوم عادي، فكما يقول بلاك: «هناك علامة في كل وجه أقابله، علامات ضعف وشقاء». فرغم تباين نوعياتها، ستجد التعاسة تقابلك في كل مكان، ولنفترض أنك في نيويورك، أكثر المدن الكبرى تحدثًا في العالم، قف في شارع مزدحم خلال ساعات العمل أو في أحد الشوارع الرئيسية في عطلة نهاية الأسبوع، أو في مرقص في إحدى الأمسيات، وأفرغ عقلك من إحساسك بذاتك ودع شخصيات الغرباء حولك تستحوذ عليك واحدة تلو الأخرى، ولسوف تجد أن كل مجموعة من هذه المجموعات من البشر لها مشاكلها الخاصة. ففي ساعات العمل سوف تلاحظ على الناس القلق، التركيز الشديد، سوء الهضم، انعدام الرغبة في أي شيء عدا الصداع، وعدم الإحساس بأقرانهم من البشر.
هذا الكتاب ليس موجهًا للعلماء أو لأولئك الذين ينظرون للمشكلة العملية على أنها مجرد موضوع للحديث، ولا توجد في الصفحات القادمة فلسفة متبحرة أو براعة عقلية عميقة، فهدفي ما هو إلا أن أضع بعض الملاحظات التي من الممكن إدراكها عبر ما يعرف بالحس المشترك. وكل ما أدعيه بالنسبة للوصفات المقدمة للقارئ هو أنها مؤيدة بتجربتى ومشاهداتى الشخصية، أن سعادتي الذاتية قد ازدادت أينما كان سلوكى متوافقًا معها. وعلى هذا الأساس فأنني أجازف بالأمل في أن يجد البعض – من بين الكثيرين من الرجال والنساء الذين يعانون التعاسة – أن حالاتهم قد شُخصت وأن طريقة للنجاة قد اقتُرحت. ولقد كتبت هذا الكتاب موقنا بأن الكثيرين من التعساء بإمكانهم أن يصبحوا سعداء عن طريق مجهود جيد التوجيه.