معمودية الثلج
تأليف
عبد الباقي قربوعه
(تأليف)
"المخبرون بعثروا أفكاري باستمرار ملاحقتي إلى كل مكان، نظراتهم كلما غاصت بين دفتي دفتري الصغير جعلتني أرتبك، وأحيانا أنسى الفكرة التي كنت أريد تدوينها، فإذا تذكرتها وهويت مجدّدا لتسجيلها جحّظوا كالضفادع أعينَهم مرة أخرى، وسرعان ما أتركهم مرتابين في أمري، يتشاورون ويتهامسون بكلام لا أسمعه، فإذا تقدمت من لوحة أخرى تهافتوا مهرولين ورائي بشكل مثير، وكلما رأيتهم أخطأوا ظّنهم بملاحقة الفنانين والمعجبين، بدلا من ملاحقة محترفي اختلاس اللوحات العالمية ضحكت!
بباريس، ثلاثة أسابيع لم تكن كافية حتى أُشبع رغبتي من النظر إلى اللّوحات التي عشقتها منذ طفولتي، آهٍ لو أسعفني جيبي لمكثتُ وقتا أطول، هناك أجنحة أخرى اشتهيت زيارتها لكنني تمكّنت من إحباط رغبتي، بسب الوضع الأمني الذي انتقص كثيرا من حرية تنقّلي، كونها أول زيارة لي إلى هذا المتحف العالمي الحسّاس.
فراغ جيبي واكتظاظ العسس من حولي، وكذلك أولئك السيّاح الذين تزاحموا لأخذ صور تذكارية، كل ذلك جعلني كالطفل الذي رشف رشفة واحدة، ثم جذبوا ثدي أمه من بين شفتيه، ورغم ما رأيت شعرت بأني عُدت جائعا إلى قريتي، عندما دخلت غرفتي غلب النُّعاس جوعي فنمت! "