رسائل ابن سينا: عيون الحكمة 1-2-3
تأليف
ابن سينا
(تأليف)
حين نتحدث عن الفكر الإنساني، تنقسم مراحله إلى ما قبل ابن سينا... وما بعده.
فهو الحدّ الفاصل بين عصورٍ من البحث الفلسفي، وبين ولادة فكرٍ جديدٍ أعاد تشكيل الفلسفة والميتافيزيقيا من جذورهما.
إسهاماته لم تكن مجرّد تطويرٍ لما سبقه، بل كانت قفزةً مذهلة أبهرت العقول التي جاءت بعده، وجعلت اسمه علامةً فارقة في تاريخ الفكر الإنساني كله.
في زمن ازدهار الحضارة الإسلامية، حين كانت الفلسفة تُدرّس وتُناقش بحريةٍ وجدية، لم يكن ابن سينا مجرد فيلسوف؛
كان عقلًا لا يهدأ، يرى في الفلسفة تجربة العمر الأصعب والأعمق.
كتب أكثر من أربعمائة مؤلف في الطب والفكر والمنطق والميتافيزيقيا، لكن ما وصلنا منها لا يتجاوز المئتين والخمسين، تكفي وحدها لتخلّده إلى الأبد.
لقد كان ابن سينا نقطة التحوّل التي أعادت تعريف الفلسفة ذاتها.
تأثّر به فلاسفة الإسلام والغرب على حدّ سواء؛
من ابن رشد إلى توما الأكويني، وصولًا إلى موسى بن ميمون، كلهم وجدوا في فكره منبعًا للإلهام، ومفتاحًا لفهم أعمق للوجود.
ومنذ ذلك الحين، لم تعد الفلسفة كما كانت قبل ابن سينا... بل بدأت منه من جديد.