المعنى والكلمات : خلاصة منهجية في العلوم اللغوية
تأليف			
				
				
				سعيد الغانمي
			
			(تأليف)
	
	
		ينتمي كتاب "المعنى والكلمات"، من الناحية الزَّمنيَّة، إلى حقبة نهاية السَّبعينات من القرن الماضي، حين كانت الثَّقافة العربيَّة تتطلَّعُ باستحياء إلى علم اللُّغة، وترى فيه نموذجاً واعداً لتوليد الأفكار وإنتاجِها. في تلك الفترة تفتَّحت أفكار هذا العمل للمرَّة الأولى، حين كان الحصول على الكتاب الورقيِّ يعني بهجةً لا تعادلُها بهجة، ولا سيَّما حين يكون معنيّاً بموضوعة فريدة، مثل علوم اللُّغة الحديثة. 
موضوعة الكتاب، دون شكٍّ، هي اللُّغة. لكنَّ كلمة "اللُّغة" من السَّعة بحيث تشمل كلَّ شيءٍ. ولذلك يُعنى المقال الأوَّل بتعريف اللُّغة من حيث هي نظامٌ اجتماعيٌّ للتَّواصل، ومن حيث بناها الداخليَّة. وينصرف المقال الثاني إلى الخصائص المنهجيَّة التي تميِّز البحثَ اللُّغويَّ بوصفِهِ علماً. فاللُّغة كانت أوَّل العلوم الإنسانيَّة انشقاقاً على الفلسفة والتَّفكير التَّأمُّليِّ، وأوَّلَها سعياً إلى الحصول على منهجيَّتِها المناسبة. وقد صرنا نعرف، منذ أواخر القرن الماضي، أنَّ أيَّ مبحثٍ ينشقُّ على الفكر الفلسفيِّ إنَّما ينشقُّ فعلاً ويستقلُّ بذاته حقيقةً حين يعثر على منهجيَّتِهِ الخاصَّة. فالمنهج، بمعنى الخطوات الإجرائيَّة التي تضبط البحث، هو الذي يشكِّل قوام الهويَّة العلميَّة. ومن خلال المنهج وحدَهُ يمكن وصف البحث المقصود بأنَّه "علم" دقيق، أو "بحث" سائب، أي الوقوف بين حدَّي الدِّقَّة العلميَّة والموضوعيَّة، والانسياب الانطباعيِّ أو التَّأمُّليِّ.