المرأة والصورة - الغياب والتمثيل في وسائط الإعلام العربي
تأليف
خالد محمد غازي
(تأليف)
تظل الصورة النمطية للمرأة راسخة في عمق الثقافة العربية، حيث يستمر الخطاب الإعلامي في إعادة إنتاج تمثيلات تُختزل فيها إنسانيتها إلى أدوار ضيقة، محاصرة بين ثنائيات مشوهة. تُقدّم المرأة إما كراعٍ للأسرة، تتجسد في صورة "حارسة المطبخ"، أو كمستهلكة مهووسة بالجمال والموضة. ورغم محاولات متناثرة لتحدي هذه الصورة المحدودة، يبقى الإعلام العربي أسيرًا لخطاب تقليدي يعيد ترسيخ هذه الصور النمطية بطرق أكثر تعقيدًا، فيصوّر المرأة ككائن متناقض؛ إما عاطفية مفرطة، تسيطر انفعالاتها على قراراتها، أو كضحية لطموحات تُعتبر "انحرافًا" عن الأدوار التقليدية التي يفرضها المجتمع.
لكن هذه التمثيلات المشوهة لا تقتصر على كونها مجرد انعكاسات سلبية للواقع، بل تتحول إلى أدوات تُنتج واقعًا موازياً، حيث يُختزل تعقيد التجربة النسوية إلى كاريكاتير سطحي. والخطورة تكمن في تصوير الصراع بين الأمومة والطموح المهني كمعادلة صفرية، تُقدَّم فيها المرأة كضحية لاختيارات متعارضة، بدلاً من تسليط الضوء على إمكانية تكامل هذه الأدوار ضمن رؤية تنموية شاملة. يتبنى الإعلام استراتيجيات ثنائية القطب: من جهة، يُعزز النموذج التقليدي الذي يتجذر في المخيال الجمعي، ومن جهة أخرى، يعيد استيراد صورة المرأة كسلعة مشبعة بالنزعة الاستهلاكية، مما يُفرغ قضاياها الحقيقية من محتواها لصالح خطاب تسويقي يخدم أجندات اقتصادية.