الحضارة الأكدية
تأليف
خزعل الماجدي
(تأليف)
تُعدّ الحضارة الأكّدية أول إمبراطورية عرفها التاريخ البشري، ومن هنا تنبع قوتها وأثرها الحضاري العميق. ففي حدود عام 2350 ق.م، وفي زمنٍ لم تعرف فيه البشرية سوى أربع حضارات متباعدة – السومرية والمصرية والسندية والعيلامية – بزغ نجم سرجون الأكدي الذي أسس إمبراطوريته الموحّدة، وسعى خلال نصف قرن من الحكم إلى بسط نفوذه على الجهات الأربع للعالم.
مثّلت الإمبراطورية الأكّدية نقطة التقاءٍ حضاري غير مسبوقة؛ إذ ربطت بين تلك الحضارات الكبرى، ونشرت الكتابة المسمارية ومنجزات الحضارة السومرية، لتصبح وعاءً ينقل تقاليد وتراث وادي الرافدين إلى أقاليم العالم القديم.
بفضل طموح سرجون وشجاعته، تحقّق ما لم تستطع أيّ حضارة سابقة بلوغه: توحيد العالم تحت راية حضارية واحدة. وخلال الألفية الثالثة قبل الميلاد، بلغت الإمبراطورية الأكّدية ذروة مجدها، فصارت ثنائية اللغة قبل أن تحلّ الأكّدية، وهي لغة سامية شرقية، محلّ السومرية كلغةٍ منطوقة.
لقد كانت الحضارة الأكّدية منعطفًا نوعيًّا في مسار التاريخ الإنساني؛ إذ أطلقت روح الابتكار في مختلف ميادين الحياة، وأسهمت في نشر التراث الرافديني في ربوع العالم القديم، ممهدةً الطريق لنهضة الشعوب الأخرى وتسارع حركة التحضّر على مستوى العالم بأسره.