مختارات من كتاب عقلاء المجانين
تأليف
أبو القاسم الحسن بن حبيب النيسابوري
(تأليف)
أحمد رجب
(تقديم)
كتاب "عقلاء المجانين" لأبي القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري هو من أبرز الأعمال الأدبية في التراث العربي، الذي يستعرض بذكاء وحرفية نماذج غير تقليدية لشخصيات أُطلق عليها صفة الجنون، لكنها كانت في الحقيقة حاملة لفيض من الحكمة والمعرفة. على الرغم من انحرافها عن المألوف، حازت هذه الشخصيات على اهتمام واسع في مجتمعها. صدر الكتاب في أواخر القرن الرابع الهجري، في فترة مليئة بالاضطرابات السياسية وانحسار الخلافة العباسية، حيث كانت دول جديدة مثل الفاطميين في مصر والغزنويين في فارس تظهر على الساحة، وظهرت حركة التصوف كاستجابة للأزمات الاجتماعية والأخلاقية التي شهدتها تلك الحقبة.
نال الكتاب اهتمامًا بالغًا من العلماء والمفكرين نظرًا لكونه يعكس الواقع الثقافي والاجتماعي في تلك الفترة، ويُوثق للمعايير الأخلاقية السائدة في تلك الأيام. كما ترك بصمته في الأدب العربي، إذ استلهم العديد من الأدباء مثل أبي نواس وأبي العلاء المعري والزمخشري وابن قتيبة من أفكاره وموضوعاته.
من خلال هذا الكتاب، يطرح النيسابوري رؤية فريدة حول مفهوم العقل والجنون، حيث يعتبر الجنون في جوهره بمثابة تمرد على الأعراف الاجتماعية السائدة. بأسلوبه الأدبي البليغ، يدعو القارئ إلى إعادة النظر في معايير التمييز بين العاقل والمجنون، وتحدي التصنيفات الاجتماعية المألوفة التي قد تحدد مصير الفرد بناءً على ظواهر لا تعكس حقيقته.