ألاباساندريا : كوميديا الشياطين
تأليف
منى الجبالي
(تأليف)
يُولَدُ الحزن عملاقّا في مهده لا يتوقف عن البكاء، يصرخ فيطعموه جثثًا، يعطش فيتجرع أشباحًا، يثور فيأسر نفوسًا لينة، وهو قد بيّت اقتناصها بقفصٍ من ضباب، يزأر وينعـر فيُخضِع الأقوياء، أو مَن ظنوا أنهم كذلك، ثم يتوهم أنه أقوى من كل المشاعر الأخرى التي يمتطيها من يوم ميلاده المشؤوم، ولا يعرف أنه لن يتفوق على الزمن يومًا ما...
فالزمن هو فقط مَن يسمح له بأن يطغى في بدايته؛ ليظنَّ واهمًا بأنه خالد لن يموت، غائر ولن يندمل، صامد ولن يخور، في نفس الوقت يتركه يستنفد حيله بمكرِ الأفاعي؛ كي يتآكل بمرور الأيام، وهو لا يعلم أنه مثل كل حي يموت، حتى ينزوي، ويخفت، وينكمش، ثم يتشتت تحت أتربة التعوُّد، ويسقط تحت أقدام رتابةِ الأيام.
لكن أحيانًا، -ولسبب لا نعرفه- لا تصغُر الأوجاع، تتيبس داخل أوردتنا، وتعلق بخلايا عروقنا، وتتكدس داخل حجرات قلوبنا...