قدسنا : الأسرلة والتهويد
تأليف
سعيد أبو علي
(تأليف)
منذ احتلال القدس عام 1967، وإعلان ضم الجزء الشرقي منها إلى قسمها الغربي، ومن ثم توحيدها وإعلانها عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والقدس تتعرض لأوسع وأعمق المخططات والمشاريع الهادفة إلى أسرلتها وتهويدها. والغاية من ذلك إحداث تغيير جوهري في حقيقة المدينة التاريخية والحضارية، وتغيير معالم المشهد الطبيعي لها، بما يطمس أصالتها وعمقها وهويتها. يطال هذا التغيير ما هو على الأرض، وما تحتها وفوقها، ويمتد ليطال جغرافيتها الطبيعية والسكانية، بما في ذلك آثارها وتاريخها المادي والروحي، ليعاد رسم مشهد مصطنع بالقوة، وكتابة تاريخ مزور ومغاير، يحصر هوية المدينة في الهوية الإسرائيلية واليهودية، ويسعى إلى تكريس الادعاء بأنها العاصمة اليهودية التاريخية الحصرية، دون سواها من العرب، مسلمين ومسيحيين.
إن السياسات والمخططات التي يتواصل تنفيذها على امتداد ستة عقود مضت على احتلال المدينة لا تعني بالضرورة نجاحها النهائي في تهويد المدينة، وإن حققت تلك المخططات تقدمًا نسبيًّا بسبب رسوخ هوية المدينة واستعصاء أمر تهويدها بهذا التاريخ الممتد إلى قرون مضت، وبما للقدس من مكانة روحية وحضارية وتاريخية إلى جانب السياسية في الوعي العربي الفلسطيني والعقيدة الإسلامية والمسيحية، ثم بما أكده المقدسيون أبناء المدينة ومؤسساتها من عزم راسخ على مواصلة الصمود والتحدي وما أظهروه من قدرة على اجتراح مقومات البقاء والتمسك بحقوقهم ومدينتهم ومقدساتهم وهويتهم العربية الفلسطينية.
في هذا الكتاب مجموعة من الدراسات التي تتناول الشأن المقدسي وما تتعرض له القدس، بمقاربات مختلفة تثير كل تلك الأسئلة أعلاه، وهي توثق الحدث وتكشف أبعاده، بما في ذلك عرض لكيفية ومستوى الرد وحدود التعاطي مع تلك الأحداث.
علمًا أن هذه الدراسات سبق نشرها على فترات في مجلة "المقدسية"، كما ويأتي هذا الكتاب مضافًا إلى مؤلف سابق بعنوان "رسائل مقدسية"، ليواصل طرح التساؤل نفسه؛ مبلّغًا الرسالة ذاتها: أين نحن مما يحدث في القدس من تهويد وأسرلة؟