الحجاج في تراث أبي حيان التوحيدي
تأليف
كريم الطيبي
(تأليف)
محمد مشبال
(تقديم)
"هذا الكتاب واقعٌ في صميم البحث البلاغي الذي شاء له مؤسِّسوه الأوائل أن يكون نظرًا شامِلًا لأقطاب الخطاب المنتِجة للأثر البلاغي؛ ومنها قطب المتكلم الذي يعدُّ أحد مصادر صناعة البلاغية أو الفعل البلاغي، وأحد مبادئ التحليل البلاغي لأي خطاب يروم التأثير. وإذا كان هذا الكتاب يعلن انتسابه الصريح للبلاغة في بنيانها الأصيل قبل انشطاره وتفكُّك أوصاله، فإنه من جهة أخرى يعلن عن أن هذه البلاغة ليست معرفة مكتفية بذاتها ولا منجزًا مكتملًا؛ وأنه علينا أن نبقى على ذُكرٍ من أن البلاغة صفةٌ في الخطاب قبل أن تكون نظرًا في هذا الخطاب؛ وأن التعامل مع الخطاب بوصفه بلاغة، يقتضي توسيع النظر وتجديده باستمرار. وهذا هو الذي يجعل حدود الحقل البلاغي غير مرسومة بقيود ثابتة، وهذا هو ما يفسِّر أيضًا طبيعة المقاربة البلاغية التي تبنَّاها الباحث في هذا الكتاب؛ فهي مقاربة متعددة تنطلق من أرسطو لكي تعانق البلاغة الجديدة مع برلمان والتداوليات ولسانيات التَّلفُّظ وتحليل الخطاب والشعرية والسرديات.
وإذا كانت قضية «الذاتية» أو «صورة المتكلم» التي أثارها هذا الكتاب في نثر التوحيدي، قضية محورية في بعض هذه الحقول المشار إليها، فإن الكتاب الذي نقدِّمه للقارئ اليوم ليس بحثًا نظريًّا في مفهوم الذاتية في الخطاب، ولكنه استثمار للجهود النظرية التي بذلت من أرسطو حتى الآن لإغناء المقاربة البلاغية للخطابات. "