المُسبِل
تأليف
رزين عكاشة
(تأليف)
لقد كان أبي كما تصفه أمي رجل ذو مواقف، ذو مبادئ في وقت قلّ فيه الأمن والأمان. فالكل كان يتهمه بالخيانة العظمى للقضية، بعمله لدى الفرنسيين. حاله حال كل أقرانه لكسب قوت يومه في تلك الحِقبة من الزمن، ولم يكن هناك من يرد عنه الألسنة الطويلة وأصحاب الأبواق والعقول المُشَوَشه، وأصحاب الذلاقة لأسيادهم الفرنسيين. وحتى الجيران والأقرباء لم يحركوا ساكنا، فغيابه المفاجئ جعل الكل في حيرة لا يمكن تفسيرها. حتى جنود الاستعمار لم يتركوا أمي في حالها ذهابًا ورجوعًا على المغفر الفرنسي والتحقيق معها، وعن غيابه، فالكل محتار، وتنوعت التأويلات. فالكل يهتف بما لا يعرف، فمنهم القائل أنه من الفَلاَقَة وقد التحق بهم في الغابة، ومنهم من يتهمه بالتعامل مع الفرنسيين بما يُسمونهم الحَرْكَى وقَتَلَهُ الفلاقة، فلِكل لغته ودندنته.