أشباح هافانا - مصطفى الصياح
تحميل الكتاب
شارك Facebook Twitter Link

أشباح هافانا

تأليف (تأليف)

نبذة عن الكتاب

في مجموعته القصصية الأولى "أشباح هافانا"، يأخذنا القاص مصطفى الصيّاح في رحلة عبر سبعة عوالم، تستحضر ملامح مدينة البصرة كما سكنتها المخيلة، لا كما هي اليوم. يقدّم لنا صورة مدينة لم تعد موجودة، بل تعيش حالة من التشظي ومسخ هويتها البحرية، في سردٍ يعيد إحياء الحلم البصري ويمنحه نبضًا قصصيًا جديدًا. بأسلوب حكائي رشيق ولغة مفعمة بالحيوية، يبني الصيّاح عالمه السردي مستندًا إلى ذاكرة حية، تستدعي تقاليد السرد الكلاسيكي وتُحيل — ولو بشكل غير مباشر — إلى كتابات الرحّالة القدماء الذين رسموا خرائط لمدن الشرق كما رأوها في قرون مضت. ومع أن القصص لا تستلهم هذه الكتب بشكل مباشر، إلا أن الكاتب ينجح بمهارة في إحياء ميناء المعقل كما كان في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ويُعيد رسم شوارع البصرة كما لو أنه عاش تفاصيل تلك الأزمنة الزاهية. "أشباح هافانا" ليست مجرد مجموعة قصصية، بل تجربة سردية متفرّدة، تكشف عن مرجعيات ثقافية وبيئية غنية، وتقدّم خلاصة تجربة شخصية في فن القصة القصيرة، تنبئ بولادة صوت قصصي واعد في المشهد الأدبي العربي.
عن الطبعة

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

تحميل الكتاب
5 1 تقييم
6 مشاركة
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب أشباح هافانا

    1

مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    5

    توقفت التكتكة الخافتة التي يحدثها السقوط الرتيب لقطرات المطر فوق لبدات السعف الكث , و أنصت الصغيران لهبة ريح باردة عبرت البساتين الهاجعة , و داعبت أشرعة السفن الميتة , و أطفأت , بخبث عجوز شريرة , القناديل المتأرجحة في مرافئ الصيادين . و عندما ابتعدت الريح , و سكنت الاصوات في الاجمات المعتمة , تناهى صوت محرك باخرة يهدر مثل قطار ثقيل , و مويجات حانقة ترتطم بالضفة الحجرية للشط و تخدش سكون الحلفاء و البردي في الشاخات التي تنسل بصمت في ظلمات الطين و الليل

    نقاط صغيرة من المطر , بدأت تسيل الان على لحاء الشجر المتقشر , و تزعج دودات القز النائمات بطمأنينة داخل شرانقها الحريرية , و مع الوقت أخذت مزاريب السطح الصدئة تخدش هدوء الحديقة بخرخرتها المتلاحقة . و من خلف زجاج نافذته أنصت لدمدمة رعد بعيد تسري في السماء الرمادية , و عبر الوميض الفضي للبرق , لمح هذه المرة شخصا ما , في نهاية الشارع , يقفز بحذر , مع مظلته السوداء , فوق برك المياه التي كانت تتسع بمرور الدقائق . لكنه شعر برعدة اخرى تسري في أوصاله , عندما أحس بأنه قد أطال الوقوف الى النافذة هذا اليوم , كما لو أن المطر قد استل من وقته بعض الدقائق التي لم يعد يملك منها الكثير . تناول عصاه التي اسندها الى الحائط , و استدار نحو المدفأة , و تفحص مؤشر النفط فيها , ثم جلس في مقعده و مد ساقيه بحيث لامست اصابع قدميه حواف المدفأة . أغمض عينيه , و راح ينظر الى الدفء الهادئ الذي تسرب الى جسده مثل ضوء مصباح عتيق يندلق على جنبات زقاق مظلم في مدينة مهجورة . ثم حرك يده , و كأنه أراد أن يعمق من شعوره بالأمان , و تلمس أشياءه على المنضدة : نظارة طبية ذات اطار معوج قليلا بفعل الزمن , كيس دواءه الذي يحتوي على علب اكثرها فارغة , كتاب الادب و الثورة لتروتسكي بترجمة جورج طرابيشي , جهاز راديو - كاسيت ماركة فليبس الذي لا يزال يعمل على أحسن وجه منذ خمسين عاما , و الذي كان قد اشتراه من فتاة فقيرة في أحد اسواق هافانا الشعبية , بالإضافة الى صندوق صغير من خشب الساج البورمي , مطرز بالنحاس و مزجج بقطع صغيرة من المرايا الملونة , و مزود بقبضة من شرائط جلدية فوق الغطاء المفصلي , و قفل بمزلاج مصنوع من الكروم , يخفي وراءه العديد من البطاقات البريدية التي كانت تصل من مدن و عواصم بعيدة . احتفظ بالصندوق الخشبي داخل صندوق خشبي آخر يفوقه حجما , كان يقبع لسنوات طويلة على أرضية دولاب الملابس القديمة , و الذي كان قد أعاد استخدامه كخزانة مكتبية , بعد وفاة زوجته .

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق