من حيث لا نحتسب
تأليف
أحمد الأفيوني
(تأليف)
في أَحَدِ أريافِ كولومبيا، كانَتْ هُنالِكَ امْرَأَةٌ تُدعى (صوفيا) رُزِقَتْ مَزْرعَةً وَرِثَتْها مِنْ أَبِيــها، إِذْ كانَتْ تَقَعُ بَجَانِبِ الغُرْفَةِ الّتي تليــها، وَلَمْ تَكُنْ تَمْلِكُ إِلاّ هذهِ القِطْعَةَ مِنَ الأَرضِ الصَّغِيرَة بالنِّسْبَةِ إِلى الكثيرِ مِنْ أَراضي الأثرياء، فَلَمْ يَكُنْ أبوها صاحِبَ وفرةٍ مِنَ المَال، إِلاّ أَنّهُ كان يَسْتَرْزِقُ مِنها بعضَ الدولاراتِ مِنَ بعضِ محاصيـلِهِ المزروعة، وكانت زَوْجَتُهُ (أُّمُّ صوفيا) قد تُوُفِيَتْ قَبْلَ شُهورٍ، فأدركَ الرَّجُلُ اقترابَ أَجَلِهِ، فَكَتَبَ وَصِيَّةً لابنتِهِ كان مُحتواها بَيْنَ التوديــعِ والتحفيزِ، وَمِمّا كَتَبَ: " واعلَمي يا بُنَيَّتي، أَنَّني تَرَكتُ لَكِ مَزْرَعتي التي طالما كُنتِ تَلْعَبِينَ وتَجُولين وتَخْتَبِئَـِينَ فيها في صِغَرِكَ..." وتُوُفِيَ بعد كتابتِهِ تِلْكَ بأربعةِ أَشْهُر، فَظَلَّتْ صوفيا تَرعى المَزْرَعَةَ وتَهْتَمُّ بِها وَتَطْمَئَـِنُّ عَلَيْهَا وَتُعاوِدُها بَيْنَ الفَيْنَةِ والأُخْرى، مُسْتَلْهِمَةً مِنْها رُوحَ أَيّامِها مُؤَمِّلَةً بِها مُسْتَقْبَلَ أبنائِها، سانِدَةً عَلَيْهَا ظَهْرَها مُلْقِيَةً إِلَيْهَا أَمْرَها، راجِيةً الرِّزْقَ الكثيرَ والحَظَّ الوفير.