نشأة النثر الحديث وتطوره
تأليف
عمر الدسوقي
(تأليف)
شهد النثر العربي الحديث خلال قرن ونصف تحولًا هائلًا، إذ تنوّعت أغراضه، وتعددت أساليبه، واتسعت آفاقه الفنية والفكرية، مما ساهم في تطور اللغة العربية ذاتها، وانتقالها من حال الجمود إلى التفاعل الحي مع معطيات الحضارة الحديثة والثقافات الوافدة، خاصة في مجالات العلوم الإنسانية. وقد تجلى هذا التطور في ميادين نثرية متعددة مثل المقالة، والأقصوصة، والرسائل، والمسرحيات، فبرز عدد كبير من الأعلام الذين أثروا الأدب العربي بنتاجهم المتميّز، وكان كلٌّ منهم يمثّل اتجاهاً خاصاً في التفكير والتعبير، وينهل من مصادر ثقافية متباينة.
ويشير المؤلف إلى أن تتبع بدايات هذا النشوء ومسارات التطور لم يكن بالأمر اليسير، غير أن له من التجربة ما يسّره عليه بعض الشيء، فقد سبق له أن تناول هذه المسألة في كتابه "الأدب الحديث"، وجاء هذا العمل استكمالاً ومحاولة لإضفاء مزيد من الإيضاح عبر تقديم ما أمكن من النماذج، رغم أن ظروف التأليف حالت دون التوسّع في تحليل تلك النماذج بالقدر الذي كان يطمح إليه. ومع ذلك، وجد أمامه ثروة نثرية غنية تستحق التأمل والدراسة، وأسماء لامعة من الكتّاب البارزين في مختلف فنون النثر التي اختارها لموضوعه. وقد سعى جاهدًا لتتبع جذور هذه النهضة الأدبية في كل من مصر والعراق والشام، بغية تقديم صورة شاملة قدر المستطاع، تبرز مدى إسهام الأقطار العربية المختلفة في تشكيل ملامح هذا التحوّل النثري الحديث.