نظرية التطور بين العلم والدين
تأليف
علي الشحات
(تأليف)
تُعاني المكتبة العربية من نقصٍ ملحوظ في الدراسات التي تُحاول بناء جسور معرفية بين الأديان السماوية والتطورات العلمية الحديثة، بهدف إزالة التصوّرات الخاطئة عن وجود تعارض جوهري بين العقيدة والكشوف العلمية، وتأكيد إمكانية التوافق بين الإيمان والعقل.
لقد نشأ، ولا يزال قائمًا، نوعٌ من الصراع بين بعض ممثلي العلم وبعض رجال الدين، حيث رأى فريقٌ من العلماء أن الاكتشافات الحديثة تتصادم مع ما يروّجه بعض رجال الدين من تفسيرات جامدة للنصوص، بينما اعتبر بعض أهل الدين أن تلك النظريات تهدد الثوابت العقائدية، ما دفعهم إلى اتهام العلماء بالإلحاد، وردّ هؤلاء باتهام الدين بالتعصب والجمود. وفي الحقيقة، هذا الصراع ليس سوى انعكاسٍ لسوء الفهم، وضعف التفسير، وغياب الحوار العميق بين الجانبين.
إن ما نحتاجه اليوم ليس إنكارًا لهذا أو ذاك، بل قراءة علمية متزنة تعيد صياغة العلاقة بين الدين والعلم، خاصة عندما يلامس العلم منطقة العقيدة. نحتاج إلى من يفسّر تلك العلاقة تفسيرًا عقلانيًا رصينًا، بعيدًا عن التشنج أو الجدال العقيم، تفسيرًا ينأى عن التطرف، ويُقنع العقل دون أن يُفرغ الروح من معناها.
ويأتي هذا الكتاب ليسهم في هذا المسعى، مقدّمًا قراءة علمية موضوعية تربط بين الدين ونظرية التطور، تلك النظرية التي لا تزال مثار جدل واسع، وتحتاج إلى مزيد من البحث والتدقيق قبل أن تُدرج ضمن الحقائق العلمية الثابتة. يحاول الكتاب أن يُعيد النظر فيها بمنهج علمي متوازن، يراعي متطلبات العقل دون أن يتجاهل ثوابت الإيمان، في مسعى حقيقي للوصول إلى تفسير سليم يتّسق مع جوهر العقيدة، ويستوعب تطورات الفكر والعلم.