في هذا الكتاب تصبح الحكايات مرآة لما لا يُقال، وما لا تراه أعيننا غالباً
«حكايات لم تُرو» ليست مجرد مجموعة قصص، بل سردٌ لعالم مختبئ خلف الضحك والزحمة، خلف الصمت والنسيان.
روعة بشير تختار أن تفتح لنا أبواباً مغلقة؛ أبواب الفقد، واللجوء، والأحلام التي تنكسر أحياناً لكن لا تموت.
تحدثنا عن الفقد والحرمان عن الألم ولحظات البوح الصعبة، عن قصص مؤلمة لكنها كانت بذرة لقصص نجاح،
شرحت عن أهمية العلاج النفسي، وبالأخص في حالات فقد الأوطان، أو فقد الأحبة، أو حتى فقد الأحلام.
من خلال صفحات الكتاب، نشعر أننا نُرافق أشخاصاً يعيشون في “عالم كبير ملئ بالفوضى” حيث اللجوء أو التنقّل أو النزوح ليست أحداثاً نشاهدها في الأخبار فقط، بل تجارب تُترك أثراً في النفس، وتبدّل مسارها.
تُحاول الكاتبة أن تُسلّط الضوء على اللحظة التي “يُصبح فيها الفقد جزءاً من الحياة”؛ ليس لأننا انتهينا من الحزن، بل لأننا تعلّمنا أن نعيش مع هذا الألم، أن نحوّله إلى حكاية تُروى، لا تُدفن.
اللغة في الكتاب خفيفة من حيث الأسلوب، لكنها عميقة في المعنى. ليست لغة تحليل فلسفي معقّد، بل لغة قريبة، تلامس القلب قبل العقل. هذا ما يجعل الحكايات ليست بعيدة عنا، بل نراها كما لو كانت قصصاً من بيئة قريبة، من جيران أو أصدقاء عاشوا شيئاً من هذا الواقع.
الكاتبة لا تُقدّم الحلول السحرية، بل تُقدّم شهاداتٍ على أن “العلاج النفسي” ليس ترفاً أو خياراً ثانوياً، بل ضرورة لمن عاش التجربة أو لَم يعشها، لكن ينوي أن يفهمها.
ما جعل الكتاب مميّزًا هو أنه لا يركّز على الجانب المأساوي فقط؛ بل يتلمّس أيضاً أن هناك قوة تُولد من الصدمة، وأن الإنسان — رغم كلّ شيء — قادر أن يُعيد صياغة نفسه، يُعيد بناءه، يُعيد الحكاية من جديد. وربما هذه هي الرسالة الأهم: أن الحكاية تُروى ليس فقط لتذكّرنا بالحزن، بل لتمنحنا “فضاء” لنُعبّر، نُشفي، نُستمر.
أوصي بهذا الكتاب لأي شخص:
يشعر أن الحكاية التي يعيشها لم تُرو بعد، أو أن صوته لم يُسمع.
يحب أن يغوص في قصص من واقعٍ إنساني أكثر من أن يكون مجرد بيانٍ أو تحليل.
يرغب أن يُعطي وقتًا لنفسه ليفهم: كيف يؤثّر الفقد، كيف يُعاد بناء الذات، كيف تتحوّل الجراح إلى دروس وإلى مشاركة.
«حكايات لم تُرو» ليست مجرد قراءة، بل دعوة للوقوف عند ما نمرّ به، وما نُخفيه — لكي نُرويه، ونُسمعه، ونُحييه.
#حكايات_لم_ترو
#روعة_بشير
#دار_ليان_للنشر_والتوزيع
#كتب_أحببتها


