حكايات مختارات من كتاب البخلاء
تأليف
عمرو بن بحر الجاحظ
(تأليف)
تميّز الجاحظ بتفرده في ميدان التأليف، حيث خلّف إرثًا ضخمًا من المؤلفات تجاوز عددها 360 كتابًا، ضاع أغلبها مع الأسف، لكنها ذُكرت في تراجم المؤرخين الذين وثّقوا مسيرته الأدبية والفكرية. وقد تنوعت موضوعات مؤلفاته بين مختلف ألوان المعرفة والثقافة، مما يعكس اتساع أفقه وثراء معارفه.
ومن أبرز كتبه التي خلدها الزمن، كتاب "البخلاء"، حيث لجأ فيه إلى الأسلوب الساخر والدعابة الذكية، فصاغ فنًا نثريًا يجمع بين الطرافة والعمق، مقربًا مادته من العامة، منصتًا إلى حكاياتهم، مدوّنًا ملاحظاته، ومرسمًا شخوصه بطريقة تجعلها تنبض بالحياة في مخيلة القارئ. فالبخيل عند الجاحظ ليس فردًا بعينه، بل نمط إنساني متكرر، يجسده الكاتب في سلوكيات وتصرفات تكشف ولعه بالمال وخوفه من فقدانه، في رسم كاريكاتيري ساخر، لكنه معروض بلغة نثرية تفتح المجال أمام القارئ لتكوين صورة حية بخياله.
ويقدّم هذا الكتاب مختارات من عمل الجاحظ الكبير، لا تغني عن الرجوع إلى النص الكامل، لكنها تتيح لمن لم تتح له فرصة الاطلاع على الأصل، تصورًا دقيقًا عن طبيعة الكتاب وحكاياته وفكر مؤلفه. وقد ناقش الجاحظ في "البخلاء" الأسباب التي تدفع بعض الناس إلى التمسك المفرط بالاقتصاد في العيش حتى يتحول إلى بخل، فخصّص لذلك مؤلفًا يستعرض فيه نوادرهم، كاشفًا عن العلل النفسية والاجتماعية التي تجعلهم يفضّلون الشح على السعة، والحرمان على الكرم.