رحلات المرأة العربية
تأليف
فاضل عبود التميمي
(تأليف)
ليست الرحلة مجرد انتقال مكاني، بل فعل إنساني عميق ابتكره الإنسان ليواجه رتابة الحياة وقسوة إيقاعها، وليفتح لنفسه أفقًا جديدًا من المعنى والسرد. ولسنوات طويلة ظل فعل الترحال حكرًا على الرجال، بما يحمله من مغامرات ومخاطر، بينما بقيت المرأة على الهامش، مقيدة بدورها التقليدي.
غير أنّ القرن التاسع عشر حمل معه تحولات كبرى في أوروبا والعالم العربي، فتبدّلت صورة المرأة، وتقدّمت لتخوض غمار الرحلة وتوثّقها كتابةً، في إعلانٍ صريح عن حضورها وتحدّيها للقيود. وكانت العراقية ماري تيريز أسمر أولى الرائدات اللواتي كسّرن هذه القيود بين عامي 1815 و1840، إذ ارتحلت شرقًا وغربًا دون وصاية من رجل، فاتحةً الباب أمام موجة جديدة من رحلات النساء العربيات، إيذانًا بمرحلة فاصلة في مسار تحررهن.
هذا الكتاب قراءة ثقافية نقدية في وعي المرأة العربية بالرحلة وتجربتها في كتابتها، لا لتمجيدها أو الانحياز إليها، بل لرصد صوتها كما هو، وهي توثّق مشاهداتها بكلمات صارت معادلاً معاصرًا لعبارة "بلغني أيها الملك السعيد": شاهدتُ، رأيتُ، وجدتُ، وكنتُ، وقدّر لي أن أكون. وهكذا غدت الرحلة فعلًا يؤكد وجود المرأة، ويعيد رسم علاقتها بذاتها وبالعالم، ويفرض على الرجل أن يتأمل بعمق أثر خطابها الجديد وما أفرزه من مفاهيم ورؤى.