الجمال العظيم
تأليف
محمد عبدالعزيز
(تأليف)
بأسلوب سردي مدهش، يغوص محمد عبد العزيز في أعماق بيئة الشمال السوري المهملة، كمن يتدلّى نحو بئرٍ سحيق، ليكشف عن كنوز خفية، وطقوس منسية، وأساطير تلمع في عيون طفل يرى العالم ببراءة نادرة. وسط وحدة الكائنات وصمت الطبيعة، يحوّل الطين إلى صلصالٍ حي، وكأن الحبل السري الذي وصله بأمه لم يُقطع يوماً، بينما تغيب صورة الأب الذي نطق آخر كلماته: «ما أحلى رائحة الدنيا»، ثم غفا إلى الأبد.
من هناك، يصبح قبر الأب على تلةٍ عالية مزاراً للعائلة، ومصدراً لقوة غامضة تمنحهم القدرة على النجاة. تتشعّب الطرق أمام الطفل بين قرية يلفّها الغبار ومدينة ترسم له مشهداً مغايراً، بينما تتدفّق الصور أمامه كفيلم سينمائي يعيد تركيبه لاحقاً بوعي يقوده الحِسّ والغريزة.
في المدرسة، تُعانده اللغة وتخونه الشعارات الجوفاء، فيلوذ بالرسم ليعبر عن ذاته، ويهرب من بلاغةٍ غريبة كانت "كحجر في الفم". ليست هذه الرواية سيرة ذاتية بحتة، بل مشهديات تنبض بروح متوثبة تحرث أرضاً بكراً لم تطأها الرواية السورية بمثل هذا الصفاء والعذوبة، كأنها تهمس: «ليس للكردي إلا الريح».