أبعد من السرد: حفريات في التضليل والغرابة والأطياف
تأليف
علي السياري
(تأليف)
لطالما قاد الخيال الأدب إلى عوالم غامضة ومذهلة، مثيرة للدهشة والرعب، منذ أقدم العصور. فقد زخرت الآداب العالمية بتجارب تخطّت حدود المنطق والعقل، كما يظهر في أعمال هوميروس، وخاصة في "الإلياذة" المتأثرة بالأساطير الإغريقية، وفي "تحولات الحمار الذهبي" لنيكوس أبوليوس، و"الجحيم" لدانتي، وصولًا إلى "ألف ليلة وليلة" التي أنجبتها الثقافة العربية، وانتهاء بأهم الأعمال الروائية الحديثة والمعاصرة. هذه الأعمال جميعها تؤكد قدرة الخيال على صياغة أدب رفيع يشد القارئ ويدفعه لاكتشاف عوالمه.
وقد اتجه النقد الحداثي إلى الربط بين الكتابة الأدبية وتعقيد الواقع المعاصر، حيث أصبحت الغرابة واللامعقول جزءًا من حياة الإنسان اليومية. ولم تعد الرواية، حين تسبر أغوار العوالم الخيالية، مجرّد ترف إبداعي أو بحث عن جماليات خاصة، بل أصبحت وسيلة لتفكيك الواقع وكشف أسراره الغامضة، ومحاولة لإعادة تفسيره سرديًا وثقافيًا. فهل هناك ما هو أغرب من الواقع ذاته؟ الواقع الذي بات يفيض بالرموز واللامنطق، في انتظار أن يلتقطه الكاتب، ويحوّله إلى لغةٍ وسردٍ وتخييل.