سير سالم والجمل
تأليف
محمد محفوظ(أبو طارق)
(تأليف)
ببراعة استطاع "أبو طارق" أن يروي لنا حكاية شاب كفيف البصر، لكنه نافذ البصيرة، شق طريقه نحو الحرية بإرادة لا تُقهر، وكأن نداء الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان صدى في قلبه:
«كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟»
هذا الشاب لم يكن يملك من الزاد إلا توكله على الله، ورفقة دليل أمين، وجمل وصفه الكاتب بأجمل الأوصاف، حتى غدا ذلك الجمل رمزًا للصبر والتحمل. كان إصراره، ومثابرته، ومواجهته للطبيعة القاسية من وديان سحيقة وجبال شاهقة، تجسيدًا حيًا للعزيمة التي لا تنكسر في سبيل نيل الحرية.
رحلة هذا الشاب لم تكن مجرد سرد لقصة فردية، بل نافذة يطل منها القارئ على نمط حياة أهل ظفار في تلك الحقبة؛ حياة البادية والجبل، ورعي الماعز والإبل والأبقار، التي كانت تشكل عصب المعيشة اليومية.
كما يسلّط الكتاب الضوء على اللغة السائدة بين الأهالي آنذاك، وهي اللغة الشحرية، التي تعود بجذورها إلى لغات قديمة مثل السومرية والعبرية والعربية. كل ذلك متصل بتاريخ سمهرم، حاضرة ظفار، وأرض اللبان، التي ازدهرت قبل أكثر من 2500 عام.
إنه كتاب لا يقدّم مجرد حكاية، بل يقدم معرفة متكاملة؛ عن الإنسان، والمكان، والهوية، والكفاح. هو توثيق لتاريخ حقيقي، لمرحلة خُنِق فيها صوت الحرية، ولشباب لم يمنعه العمى من رؤية النور خلف قضبان السجن الحديدي المفروض على أرض ظفار، هذا الجزء الأصيل من الوطن العربي، في الماضي والحاضر.