الاعتفار في زمن الدمار
تأليف
نجوى الطامي
(تأليف)
"مرت أيام قبل أن يعاود تميم الظهورَ في مسجد يافا المتهدم في دير البلح.
انزوى بالشيخ عبد الرحمن يحادثه قليلًا، ثم انفرد بكلٍّ من فادي وأبي طارق. قال في صوت خافت: "أحمل لكم أنباءً طيبة. تواصلتُ مع بعض الكوادر العليا في المقاومة، وبناءً على توصية الشيخ عبد الرحمن، وافقوا على انضمامكم إلينا. نحتاج إلى بعض العناصر الموثوقة مثلكم، بعد أن سقط منّا عدد من الشهداء".
بان السرورُ على وجه أبي طارق، والقلقُ على مُحيَّا فادي. سأله تميم: "ما بك؟ أراك جزعت مما قلت؟".
هز فادي رأسه بشدة كمَن ينفي عن نفسه تهمة بغيضة: "لا، ولكني لم أتدرب قط على أفعال المقاومة، ومعلوماتي عن استخدام السلاح تكاد تكون منعدمة".
رد تميم: "لا عليك! ستوكل لكما مهامُّ إسنادٍ لرجال السلاح، ولكن هذا لا يمنع أن تتلقيا تدريبًا أوليًّا للدفاع عن النفس، فهل أنتما على استعداد لذلك؟".
رد أبو طارق على الفور: "نعم أنا مستعد أن أساهم بأي جهد يُطلب مني".
وأمّن فادي على كلامه: "وأنا مثله، وأتمنى أن يفيدنا التدريب الذي اقترحته".
"على بركة الله"، قالها تميم وهو يتأهب للانصراف. "موعدي معكما في المساء؛ لنبدأ تنفيذ الخطة".
في المساء أحضر تميم ملابسَ تشبه الزي العسكري، وطلب من فادي وأبي طارق لبسها. وخرج الثلاثة بعد توديع الشيخ عبد الرحمن كأشباح تسيرُ في الظلام. لم يدرك أبو طارق وفادي معالم الطريق الذي سارا فيه مع تميم، ولكن بدا أنه يعرف تمامًا إلى أين يتجه. وفي نقطة محددة، انعطف تجاه مجموعة من البيوت المهدمة، وتسلق الجميع كومة من الأحجار إلى الجانب الآخر من أحد البيوت. "