من الريع إلى التنمية - الجزء الثالث : الدولة الريعية وتحديات النمو والتنمية في الاقتصاد العراقي
تأليف
عباس الفياض
(تأليف)
من المقاربات النظرية التي ترى أن الموارد الطبيعية هبة مجانية «نعمة» تساهم في التنمية الاقتصادية في عدد من البلدان النامية، إذ تسمح لها بتحقيق أرباح من جراء القيام بالتجارة الدولية ومن بين البلدان التي استطاعت أن تدير وتتحكم في الإيرادات الناتجة من استغلال النفط هي النرويج وأندونيسيا وبوتسوانا «النخاس» ولكل من هذه البلدان خصائصها وظروفها ومميزاتها، لكنها جميعاً تعود إلى وجود مؤسسات داعمة وذات نوعية جيدة وقوية «جرى تناول ذلك» وأعطت هذه التبريرات النظرية للباحثين والمفكرين للمضي قدماً في هذا المجال، حيث إن نجاح هذه البلدان في التحكم في هذه الثروة الناضبة «النعمة» يعود إلى طبيعة السياسات الحكومية التي استطاعت التحكم في إدارة مواردها الطبيعية بنجاح، وإلى تحويل الإيرادات من هذه الموارد لمصلحة معظم السكان على المدى البعيد «لمصلحة الأجيال». فقد كرّس هذا الجزء حول الدولة الريعية في العراق وتداعيات النمو والتنمية وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية على حياة المواطنين التي باتت تعيش ظروفاً في غاية من التعقيد بفعل الاعتماد على الريع وتفشي ظاهرة الفساد والمحسوبية والمنسوبية التي ازدادت ما بعد 2003 بفعل التوجهات الجديدة للاقتصاد العراقي، وخضوع العراق للمؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) وشروطهما القاسية والمدمرة والتي تتلخص (خصخصة – اقتصاد سوق – تجارة حرة والانفتاح بلا ضوابط) وتعرضه للمطامح الإقليمية والدولية.
والدراسة وضعت بعض الأفكار التي وردت في هذا الجزء أو في غيره من الأجزاء وهي لا تعدو كونها تعبر عن مشروع وأمل طموح بعيدين، ينتظران معالجة التطور الاقتصادي المعتمد على الريع «بالاستفادة من تجارب البلدان» ومدى القدرة على توفر الشروط اللازمة، لبناء اقتصاد يكون بعيداً عن الريعية وإرساء دولة تنموية بعيدة عن الملاحظات النقدية لحقوق العمال والحفاظ على المنتوج الوطني، آخذين في الاعتبار خصائص السياسة الاقتصادية والإرادة الوطنية كشرط لازم للتطور، وتخليص السياسة الاقتصادية من تبعية توجهات المؤسسات المالية الدولية وشروطهما القاسية والمدمرة، وبناء عراق بعيد عن المحاصصات الطائفية والإملاءآت الدولية والإقليمية وكان للباحث كتب ودراسات، نشرت في عدد من المجلات العراقية والعربية وحوارات مختلفة تناقش جوانب مختلفة من مشكلات الاقتصاد العراقي وغيره من البلدان النامية، أشير لبعضها في الكتاب علها تخدم الهدف من الدراسة.