رصاصة ساقطة
تأليف
هيام التوم
(تأليف)
أنا أمل القاعي، ولدت في السبعينيات، وبعد سبع سنواتٍ فقط كبرت مائة عام، حين أدركت أنّ هذه الآلة التي تسمّى الجسد، ربّما لا تكفي لإنهاء رحلتنا، وأنّها قد تخذلنا في منتصف البئر، وعلينا أن نكمل غرس أصابع الروح، في صخور الحياة، لنستطيع الصمود.
رصاصةٌ واحدةٌ طائشةٌ، عاهرةٌ، بلا هوادة، لا أهل لها ولا نسب ولا عائلة، بنت حرام، لقيطة... استقرّت في عمود والدي الفقريّ، وأسقطت علينا عواميد منزلنا، فهدمت استقرارنا وطفولتنا وفرحتنا.
لم يعد أبو جلال يفتح باب المنزل ليلتقط شيئًا صغيرًا عن الأرض، ويغمره ثمّ يرفعه ليطال السقف، فيصبح أطول منه. ولم أعد أنا ذاك الشيء الصغير، أشعر أنّ بإمكاني لمس السماء...
وأنا، منذ ذلك اليوم، أنظر إلى العالم من تحت، وأضع يديّ فوق رأسي لأتّقي الضربات القاسية.
أصيبَ أبي، بقيتُ قصيرةً أمام العالم الشاهق، المرعب، لم يعد يحني ظهره لي ويمشي في المنزل على يديه وركبتيه، وأمشي أنا على هودجٍ، أميرةً من العصور القديمة، محصّنةً بالكثير من الدلال، محاطةً بالانسجام والاستقرار... ماد الهودج به، وسقطنا معًا...
لن أغفر لتلك الرصاصة فقْأها عين ابتسامتي. لم يمت أبي، لكنّه توقّف عن الغليان، كأنّ أحدهم أطفأ النار تحته فجأةً.