حفريات في تاريخ الفن والعمارة
تأليف
شاكر لعيبي
(تأليف)
يُعدّ تاريخ الفن والعمارة، في جوهره، بمثابة حفريّة معرفية وجمالية، تتيح بناء هيكل نظري عام للموضوع قيد الدراسة. وخلال هذا الحفر، كما في كل أعمال التنقيب، نعثر على لقى وعناصر فرعية قد لا يتيح لنا الإطار النظري التوسع فيها، خشية الانزياح عن المسار المنهجي المحدد. ومع ذلك، فإن كل واحدة من هذه "اللقى" تحمل في ذاتها إمكانية أن تكون موضوعًا بحثيًا مستقلًا يستحق التوقف والتحليل.
صحيح أن الإشارة الموجزة إلى تلك العناصر قد تمنحها طابعًا من الإثارة أو الفضول العابر، لكنها في الوقت ذاته تُسلّط ضوءًا مركزًا عليها، يشير إلى أهميتها الكامنة. إن تجميع هذه اللقى معًا، دون تحليل معمّق، يُشبه ما يقوم به علماء الآثار عند وضع مكتشفاتهم جنبًا إلى جنب فور العثور عليها، قبل ترتيبها أو دراستها بشكل منهجي في المتاحف.
وعليه، فإن ما نعرضه هنا هو مجموعة من اللقى الفكرية والجمالية، وُضِعت معًا كما هي في لحظة الاكتشاف، لا بوصفها مادة مكتملة، بل كمؤشرات بحثية مفتوحة. إنها دعوة صريحة للباحثين والطلاب للخوض في تفاصيلها، ودراستها بعمق، والتوسّع في تحليلها، لا لاختزالها أو توظيفها خارج سياقاتها الأكاديمية.