إدنبرة.. وللحديث بقية

نبذة عن الكتاب

أعرف أن مزاجي صعب وإرضائي فيما يخص الكتابة يكاد أن يكون دونه خَرْط القَتاد، ولكن ما كنت أرحل معه نَفَسٌ مختلف، طرحٌ مثرٍ بجمال التصوير وعذوبة الحبك وقوة اللغة واكتمال المشهد. تكاد أن ترى الطرقات المرصوفة ومشهد الثلج وتساقُط أوراق الخريف والأمطار التي لا تتوقَّف، تسمع طرافة رد ألن وجدِّيَّة أجوبة إيفون ونظراتها الآمرة، وتسمع وقع المطر على الأرصفة ونشيش أجهزة إعداد القهوة في مقاهي إدنبرة، تشم رائحة الربيع، الزهور الصفراء التي كانت تُهديها له البائعة المُسنَّة، هنا صورة ولون وصوت ورائحة، لا تكاد تتذكَّر أنك تقرأ لشخصٍ يحكي؛ بل تظن نفسك شريكه إنْ لم تكن هو! ضحكت على «ما كا نو إن يا» ورددتها بداخلي في محاولة لتقليد اللهجة الأسكتلندية، وقلت لنفسي: «يا أرض انشقي وابلعيني» وهو يذكر قصة رائحة البرياني، أبكاني مع رد إيفون الحزين لرحيل شريكها الطيِّب، وأبكاني من جديد مع منار، ولامس قلبي بحلم حديقة الهايدبارك، وكدتُ أسمع دقات قلبه مع قصة استدعاء المحكمة. يا الله يا أحمد! أي قلمٍ مُذهِل تملك؟! وأي جريمة ارتكبتها بتأخُّرك هذا عن الكتابة حتى هذا الوقت؟! أنت سيُقام عليك حد الحرابة مرتين! لم أتوقف حتى أنهيته كاملًا، وكم تمنَّيت أن لا ينتهي، ربما يستدعي عدم إطالة الكتاب حدُّ حرابةٍ ثالث، لكن حقيقة ويعرفها غيري الكثير، إنها قليلة هي الكتب التي تقول لك: «إذا فيك خير اتركني»! عوض بن حاسوم الدرمكي