بين الثقافة والسياسة ... وأشياء أخرى
تأليف
عماد الغزالي
(تأليف)
"تمضي العلاقة بين الثقافة والسياسة، بين المثقف والسياسي في مدٍّ وجزر مستمر، والسياسي هو الذي يملك وفق اختياراته أدوات التدخل الفاعل في الواقع وهمومه ومتطلباته، أما الثقافة فتمتلك أدوات تأمله، تراقبه، تضيئه، وأحيانا تفكك بنياته وتعيد بناءها. وإن كانت الرواية هي جنس ثقافي خالص فإن الرواية السياسية هي جنس أدبي بامتياز، وعمليات التدخل الخيالية داخل النص الروائي هي عمليات لصالح الواقع، وضمن شروطه ومتطلباته، أما على أرض الواقع فإن المثقف غالبا ما يكون في حرج من السياسي، قد يتحالف معه، وقد يدفع ثمن استقلاله عنه. وبين الثقافة والسياسة تتماوج أزمنة التاريخ وخرائطه، وتتباين صور الحاضر وتحولاته، وتضحي كل كتابة في هذا الباب مغامرة عقلية تتطلب قدرا عاليا من التبصر واليقظة، والانتباه إلى دهاء السياسي ونعومة الثقافي، وإلى صلابة الواقع وهشاشة المتخيل، وتحتم في الآن ذاته التزاما بآداب التفكير وشروط التمثيل، وطرائق بناء الخطاب، والحرص على صدقيته ورصانته."