شاهد على العصر الرابع : في نقد الحاضر والسؤال عن المستقبل
تأليف
هيثم الزبيدي
(تأليف)
"شاهد على العصر الرّابع" كتاب لا يصنع تأريخاً بارداً، ولا ينخرط في صناعة أوهام مضادّة، إنّما يمشي على الحافّة، حيث يختلط الحبر بالدم، وتصبح الكتابة آخر أشكال النجاة.
يختار الدكتور هيثم الزبيدي، القادم من هندسة الذرّة، أن ينقّب في بنية المجتمعات كما لو كانت مفاعلات مهدّدة بالانفجار، يكتب من منطقة الخطر، بوعي المُشتبك، لا المتفرّج، ويعيد تعريف الصحافيّ بوصفه مؤرّخاً لا يرتاب من الانحياز، حين يتعلّق الأمر بالكرامة، بالمستقبل، بالمجتمع الذي تُعاد هندسته على يد السماسرة والمحرّضين.
الزمن هنا هو "العصر الرّابع"، عصر ما بعد الحقيقة، ما بعد الدولة، ما بعد الثقافة. لم يكتب الزبيدي عن هذا الزمن من خارجه، إنّما من عمقه؛ دخل في طبقات الخطاب، في ميديا التواطؤ، في تكنولوجيا الهدم، وتتبّع شروخ الهويّة، وتحلّلات المدينة، وهشاشة الوعي الذي تسرّب من بين أصابع الشاشات.
هذا الكتاب هو خلاصة عقدٍ من التجريب الفكريّ والمواجهة الكتابية، على صفحات مجلة "الجديد" التي حملت مشروعاً ثقافياً وُلد في قلب العاصفة، وأرادت أن تكون الجسر بين المشرق والمغرب، بين الوطن والمنفى، بين من طُرد من التاريخ ومن يحاول إعادة كتابته.
الكتابة هنا لا تهادن، لا تطلب التصفيق، ولا تلهث خلف جمهور عابر. هي كتابة تقف أمام المرآة، تخلع أقنعة اللغة، وتحاسب المثقّف قبل أن تُحاكم السلطات. هي كتابة لا تفرّق بين مقال صحفيّ ومقال وجوديّ، لأنّ القضية واحدة: كيف ننجو بالفكرة من الحريق؟ وكيف لا نتحوّل إلى رماد ناعم في ماكينة العبور الجماعيّ نحو الهاوية؟
في هذا الكتاب، لا صوت للحياد، ولا تبرير للصمت، هناك فقط قلقُ الكاتب، ووحشةُ المثقّف، ومحاولةُ الفهم في زمنٍ كثُر فيه الذين يتكلّمون، وقلّ من يصغون. ومن هنا تبدأ الشهادة... لا لتقول "هكذا كان"، إنّما لتسأل: "إلى أين نحن ذاهبون؟".