الذين صدقوا الأقنعة
تأليف
محمد فرحات
(تأليف)
لـمْ تَتوقع حوَّاء صقر أن يصطادها فخٌّ صنعته بيدها، ولم تتنبأ بالشر الذي أحدثَته؛ وساقها لتعيشَ هذه الحكاية الكابوسية التي بدأت من مصيدة رتَّبت خيوطَها بأصابعها.
تحب حوَّاء الحياةَ وتتشبث بها كطفلة تتعلق بدُميتها، ولكنَّ الدُّمى لا تُـحِب؛ فكَم ظلت تبحث بأذنيها عن كلمة (أحبكِ) صادقة! ولكنْ لَـمْ تنتبه حواسها أو يَقشعِر بدنها كلما سَـمِعتها من رَجل، ولـمْ ينطقها فمُها لرَجل بَعد مـحروس؛ فوهبَت روحها للحزن، وسلَّمت جسمها للقسوة، فلـمْ تأخذ من المحيطين بها سوى انطفائها الداخلي وجمود مشاعرها، وأيامها لـمْ تكن سوى وسادة مبللة بدموعها المستورة بسبب ما تُوصِلها إليه تصرفاتُها وتفكيرُها الذي يتمنَّـى أن يُـخضعَ واقعها ويُصيّره مِلكًا لها رغمًا عن المكتوب بأيَّة وسيلة، تحاول أن تسكِّن تأنيبَ ضميرها حول الأخطاء التي ارتكبَتها وهي تجتهد لتتذوق لذة الراحة وحلاوة الاطمئنان، وتتحول من مقهورة بسبب فقرها الـمُتعِب لقاهرة غنية يخشاها مَن حولها. تتمنى ألا تتذوق سوى مطامعها وهي تُشبِع نفْسها التي جاعت كثيرًا؛ فاختزلت تواصلها مع مَن حولها في تلبية رغباتها، ولا أحد ينصاع؛ فحاصرتها الوحدة.