الشيطان جسد
تأليف
سعد سعيد
(تأليف)
ما ينقصنا اليوم هو الاختلاف حسب وجهة نظري، بين العراقيين تحديدًا، فمجتمعنا ينزع إلى التماثل إلى درجة نوع من التجانس المزيّف الذي يطمئن الناس، وفي هذا خطر واضح، وهنا يأتي دور الكاتب في أن يقلق طمأنينة هؤلاء البؤساء، فالناس يعرفون الحقيقة، لكنّهم مقيّدون في الوقت نفسه، ومكبّلون داخل أحكام مسبقة طاغية وتعميمية، فهناك دائمًا ثمة نوع من التفاهم الاجتماعي الضمني الذي يدفع الى التفكير بالطريقة ذاتها، وهنا نجد أنّ سعد سعيد لا يكتب لكي يهدئ من روع القارئ، ولا لكي يحارب الجهل كما يزعم بعضهم، بل يكتب لكي يوقظ ويُفهم، الناس تنتظر الأسئلة، حتى إذا كانت في لا وعيها تعرف الحقيقة، لا تستخفوا بقوّة السؤال، فلربما واحد من تلك الأسئلة التي يثيرها الروائي هنا، سوف يشكّل الفرق في يوم ما، اسألوا يا ذوي الألباب لكي ينتهي التواطؤ الموبوء بين السلطة والجهل.
هذه ليست المرّة الأولى التي يطرح فيها سعد سؤالاً بحجم رواية، سؤالًا يمتدّ على مدى عشرات الصفحات، إذ إنّه سأل وسألنا، وسأل من أجلنا في أعماله السابقة على غرار "كلمات لا تستحي"، لا، بل نلاحظ أنّ ثمة شخصيات مشتركة بين أعماله قد يرمي بها إلى تشكيل سلسلة مجازية تركّز على النقد المجتمعي النفسي، سلسلة قد تكون مخططًا لها، فصوته الروائي شكّل منعطفًا حاسمًا منذ كلماته التي لم تستح.