فرح على الأرض - الجزء الثالث
تأليف
فادي زغموت
(تأليف)
لو أنّني مُت مُدّة مئة عام في القرن الخامس عشر، لما صُدمت بما تغيّر خلال غيابي مثلما صُدمت اليوم. كان العالم آن ذاك يتحرّك بوتيرة أبطأ، ما ممح للمسلمات أن تترسّخ في وعي الشعوب لمئات السنين. لكنّ القدر أراد أن أموت في القرن الواحد والعشرين، في زمن تسارعت فيه التطورات التكنولوجية بطريقة غيّرت في سنة ما تغير سابقًا في عقود، وبدّلت في يوم ما احتاج سنوات من قبل. لم أفوّت نقلة تكنولوجية واحدة فحسب، بل اختفيت في فترة تبدلت فيها أحوال الدنيا بأكملها، وفَتحت لنا قدرات اعتقدناها عصية على البشر. لا عجب بأن تتصرّف جنّة كما تصرّفت ولا غرابة في قرارات أفراد العائلة غير المنطقية.
هدأتني بسرعة حين واجهتها وطلبت منها شرح سبب زواجها من رجل في عُمر جدّها. شكّكت في كلامها بدايةً حين أخبرتني بأن زيد، زوجها وشريك حياتها، يبدو كهلًا في هذه اللحظات، لكنه حقيقة في عُمرها ومن جيلها.
تلاشت شكوي بعدما أوضحت حيثيّات الموقف. جلست بجانبي في السرير وعرضت لي على الحائط، من خلال عدسة عينها الإلكترونية، فيديو قصير وثق رحلته من الشباب إلى الشيخوخة في برنامج «دار العجزة» - برنامج تلفزيون الواقع الذي شارك فيه.
«في وقتنا صار اللعب بالعُمر البيولوجي للإنسان سهل إمّي»
أضافت مازحة كي تلطّف من وقع ما تفضّلت به عليّ: «مثل البوتوكس وعمليّات التجميل في وقتكم».