القطب الأكبر - فؤاد حداد
تأليف
خيري شلبي
(تأليف)
نم مطمئنًّا في مثواك الأخير، فأنت الآن راقد تحت الثرى تغذي أرض مصر بعبق الضمير وأشجار الشعر. فإن الشعر الذي حملته معك يوم رحيلك قبل أن تفضي به إلینا، زمانه الآن قد طاب ونبت وتفرع على الأرض التي تحتوي جثمانك العظيم.
أراك يا سيدي ومعلمي تسامق جلال الدين الرومي، وفريد الدين العطار، وابن الفارض، والنفري، وغيرهم. من هذه الخامة أنت ومن نفس الرحيق كانت رضاعتك.
وكنت في البدء شاعر مقاومة كبيرًا، وأنفقت زهرة عمرك خلف الأسوار متهمًا بحب مصر والتشبب بها، وكانت مصر عندك هي العروبة وهي الحضارة الفتية وهي المستقبل. ولقد أنضجتك التجربة خلف الأسوار وخارجها، فتحوَّل الشعر عندك إلى جهاد مطلق في سبيل الله، في سبيل الحق والعدل والمبادئ السامية الشريفة، صار هدفك هو الشعر المصفى، وهدف شعرك إلى تربية الإنسان، إعادة صياغته على النحو الذي يليق به، أن يكون ابنًا للسماوات العليا، للقوة الإلهية التي أبدعته. ومثلك مثل جلال الدين وابن عربي وغيرهما من الأقطاب، بات شعرك هو الثقافة الحقة، التي هي نور من نور الله.