إدوارد سعيد : رواية للأجيال
تأليف
محمد شاهين
(تأليف)
يُشكّل إدوارد ظاهرة قابلة للتأمل أكثر منها للتأويل. ويلاحظ المتأمل أن فكر إدوارد ثنائي التركيب يظلُّ مفتوحاً على العالم بعيداً عن أحادية المكان أو الزمان. ولعل من أبرز ملامح هذه الظاهرة أن إدوارد قد حول ذاته الفردية إلى ذات جماعية التحمت بفلسطين وقضيتها وارتقت إلى أسمى درجات التمثيل؛ فلم تعد فلسطين مجرد قضية لاجئين شُرّدوا من ديارهم، ولا هي فقط فلسطين بحدودها الجغرافية والتاريخية. لقد نجح إدوارد في وضع فلسطين على خارطة العالم كما يشهد الجميع، ولعل أروع ما في إنتاجه الفكري هو أن معارف الكون التي أصبح فارسها قد تحولت على يديه إلى أدوات طيّعة تُشهد العالم على ما حلّ بفلسطين من ظلم. وقد نحت إدوارد بموهبته الخارقة صورة كونية لفلسطين بحيث غدت راسخة الأقدام، ثم جعلها تسافر في أرجاء المعمورة مجسدة صورة المظلومين والمقموعين والمشردين والمحرومين والمنفيين. صورة يمثل الفلسطينيون فيها أنموذجاً لضحايا الظلم والقمع والتشريد والحرمان والنفي.