حين لا تبحث عن حكاية مسلية، بل عن مرآة تقف أمامها وتلمح شيئًا من نفسك اقرأ هذه الرواية.
ليس بعيدا عن رأس الرجل (عزيزة ويونس )
هذه ليست رواية عادية، ولا حكاية تُروى ثم تُطوى. "يونس" ليس مجرد اسم، بل مرآة لإنسان يبحث عن خلاصه في عالمٍ يخذله مرة بعد مرة. سمير درويش لا يكتب من فوق، بل يكتب من الداخل، من نقطة الألم ذاتها. كل ما في الرواية يبدو حيًّا، نابضًا، مألوفًا، وكأنك عرفته قبل أن تقرأه.
"عزيزة" ليست امرأة عابرة، بل وجع مقيم في الروح. رمز للوطن حين يبتعد، وللحب حين يتأخر، وللشفاء حين يُنسى في زحمة الألم. لا يقودك الكاتب بخريطة، بل يدعك تتيه برغبتك، كأنك تسير في طريق تعرف أنه موجع، لكنك لا تستطيع مقاومته.
الرواية تسير على الحافة بين الواقع والحلم، بين الذاكرة والموروث، بين ما كان وما تمنّينا لو كان. الشخصيات هنا تشبهنا: ليست مثالية، ولا منهزمة تمامًا، بل بشر يتأرجحون على خيط رفيع من الرجاء.
أعجبتني تلك اللغة التي لا تصرخ، لكنها تقول الكثير بصوتٍ خافت. أحيانًا تتوقف بعد سطرٍ واحد، لا لتفكر، بل لتشعر. وهذا ما يميّز الرواية: أنها لا تطلب منك أن تفهمها، بل أن تشاركها هذا الوجع الجميل.
حين تنتهي منها، لن تغلق الكتاب فقط، بل ستشعر أنك خرجت من تجربة، أو ربما من مرآة.
ليس بعيدا عن رأس الرجل (عزيزة ويونس)
رواية تقرأك بقدر ما تقرأها.
أفين حمو