اقتباسات أسماء محسن

العميد (جون وليم) واقفًا يتحدث مع بعض زملائه. كان في أواخر الخمسينيات من عمره، له وجهٌ غريبُ الأطوار، وعيونٌ رمادية، وأنفٌ غريب.

الفصل الرابع

‫(الحادثة)

‫ في صباح يوم السبت باكرًا، استيقظ (حسن) في السادسة، وفكّر في إيقاظ زوجته لتعدَّ له الإفطار، ثم أشفقَ عليها.. فليدعها تنام قليلًا، خاصة وهي حامل وتشتكي مِن ظهرها وتورُّمِ قدمها. نهض بهدوءٍ.

بعض الرجال لهم تفكيرٌ لا أفهمه برغم أنني منهم إن كان لدي ابنٌ أو ابنة لمَا توقَّفت عن رؤيته يوميًّا ومع ذلك. والدي لم يرنِي ولو مرة منذ وُلدت، وتزوّج وأصبح لديه أسرة ثانية، وبشكل ما قامَ بمحْوِي من ذاكرته.

ردّ (حسين): أجل. راعيتكم لعشرة أعوام، ثم تخلَّيْت عنكم ‫ هتفتْ (رين): كنتُ في حالة نفسية صعبة. لقد فعلتَ الصواب يا خالو، فما كانت لديك المقدرةُ على رعايتنا وقتها، وأخي يرعاني جيدًا جدًّا. إنه أفضل أخ في الدنيا ‫

ابنتنا (سلمى) الآن.. كانت لتعدّ كعكة للاحتفال بهذه المناسبة.

‫ واغرورقتْ عيناها بالدموع، وتطلَّعت نحو (رين) مكمِّلة: ماتتْ وتركتْكِ رضيعةً يا صغيرتي.

‫ ردَّد الجميعُ عباراتِ الترحّم عليها.

وصل خالُها الكبير (حسين)، وكان رجلًا في الأربعين، له ملامحُ طيبة، وعيون داكنة، وشعرٌ حليق تتخلّله بعضُ الخصل البيضاء، وكان يرتدي كالعادة بدلةً أسفل المعطف.

‫ احتضن (علي) واحتضنها، وقبَّل رأسها، ثم جلسوا جميعًا يتناولون العشاء.

خالَها الصغير (حسن)، والذي كان في الخامسة والثلاثين من عمره، ومتزوجٌ ولديه طفلٌ عمره أربعة أعوام، وزوجته حاملٌ في الشهر الثالث.

‫ كانت له عيونٌ خضراء كوالده، ولكنها دافئة للغاية، ويعمل في قوات مكافحة المفترسات.

كان اللواء (يوسف) جدُّهم- والد أمهم المتوفَّاة- يعنى بالحديقة فابتسم حينما رآهما، ولوَّح لهما فتوجَّها نحوه فاحتضن (علي) وقبَّله وقَبَّل (عليٌّ) بدوره يدَ جدِّه قائلًا:عيدًا سعيدًا يا جدي.

خالو (حسين) منذ وفاة زوجته وهو مستسلمٌ للاكتئاب، وجَدّي مخيفٌ عندما نتحدث عنهم ‫ قال (علي) برفق حنون: علينا أن نعذُرَ خالو (حسين)؛ فقَدَ زوجتَه وهي حامل، وهذا مؤلم. ولكنه تحسّن كثيرًا، والفضل يرجع لشريكه أمّا جدي. همّم. حسنًا إنه مخيف فعلا.

بالنسبة لها كان أبًا وأمًّا وأخًا وصديقًا ‫ وصلا إلى وسط المدينة، وكانت تحبّ تلك المنطقة كثيرًا، وقال (علي) بصوتٍ مرتفع كي تَسْمعه: كما ترينَ المطعم في نهاية هذا الشارع في حي هادئ، يبعُدُ عن بيتنا نصفَ ساعة فقط ولكن من الجهة الثانية.

جالسةٌ بين عشقها الأهم وهو الكتبُ حتى وجدتْ مَن يضع يدَه برفق على كتفها، فاستدارت نحو أخيها الذي قال باسمًا: مضطرٌّ لأخذك بعيدًا عن كتبك الحبيبة الآن، هيّا بنا ‫ نهضتْ قائلةً: تبدو مرهَقًا يا (علي) ‫ ردّ وهو يهزُّ راسه.

المرة القادمة سندرُسُ حاسة الشم لدى المفترسات ‫ غادرَ الجميعُ المعملَ، وكانت الساعة تقترب من الواحدة، وقالت إحدى الزميلات لـ (رين): كل عام وأنتِ بخير. عيد أضحى سعيد ‫ ردّت (رين): وأنتِ بخير أراكم بعد أسبوع ‫ وتوجّهت نحو مكتبةِ الجامعة الضخمة الشاسعة.

يستخدمُ الذيلَ كخُطّاف يمزّق ما أمامَه، ويمتد حتى ٣ أمتار، وربما أكثر ‫ أغلقت الشاشة، وقالت المعلمة: لقد انتهى الدرس. هل مِن أسئلة؟ ‫ رفعَتْ (نسرينة) يدَها مستأذنة، ثم نهضت وقالت: قرأتُ بأن بعضَ العلماء يعتقد بوجود فئةٍ أخرى أكثر قوة، هل هذا ممكن؟

لهم تركيبًا قريبًا جدًّا مِن البشر، مع اختلافاتٍ سندرُسُها في العام الثالث. هذه الاختلافات في الدم وقدرة الخلايا على التجدّد ووجودِ الذيول.

تأملوا معي تلك الصورة. إنّ المفترسات تمتلك سلاحَيْن مهمَّيْن. أولُهم ذيولٌ تتيح لهم الهجومَ والقتلَ، والسوائلُ التي تفرز مِن تلك الذيول إن أضعفهم مَن يمتلك ذيلًا واحدًا، ويفرزُ منه مادةً مخدرة تتيحُ له تخديرَ ضحيّتَه من البشر.

ثمَّةَ اختبار دم نقومُ بعملِه ونحدِّد مِن خلاله تبعًا لشكلِ كرات الدم وتركيب الدم إذا ما كان الشخصُ المشتَبَه به بشريًّا، أم من المفترسات؟ هذا اختبار مهمٌّ جدًّا وحاسم؛ لأنّ عدمَ الأكل ليس دليلًا كافيًا، وتلك المفترسات تتحكّم في تغيير لون العين للأحمر و العكس.

المفترسات الشريرة. مخلوقات ظهرت منذ مائتيْ عامٍ تقريبًا، وتحديدًا في عام ٢٠٧٠ ميلادية. لا أحد يعلمُ متى وُجدت بالضبط. تتَّخذ شكلَ البشر وتتغذَّى على الغدد الصمَّاء في البشر. خاصة الغدة النخامية يمكنُ تمييزُهم عن طريق مراقبتِهم، فنلاحظُ أنّ عيونهم تتغيّر للون أحمر قان.

مرَّت من بوابة كلية العلوم وتوجهت نحو زميلاتها، ثم توجَّه إلى المبنى الإداري للجامعة؛ حيث قسْمُ المعلمِين المساعدين، فألقى التحيةَ على زملائه

هتفَتْ في شوق: ما هي خطتُك؟ ‫ ردّ باسمًا: نذهبُ إلى مطعمٍ رائع اكتشفْتُه صدفة لتناول الغداء، ثم نشتري علبةَ كعك ونتوجّه إلى منزل جدي في السادسة مساءً. ما رأيك؟ ‫ قالت وهي تتوجّه يسارًا، وقد تخلت عن ذراعه: سأنتظرُكَ .

كانت (نسرينة) فتاةً في الثامنة عشر مِن عمرها، في عامها الثاني في كلية العلوم، وكانت فتاةً جميلة تشبه والدتَها بشكلٍ كبير، لديها مرض تغاير تلون القزحية(Heterochromia) فكانت إحدى عينيها زرقاءَ اللون بينما الأخرى عنبرية ‫ وكانت تعيش مع أخيها الذي يكبرها بعشرة أعوام و يتولى رعايتها.